رئيس مجلس الادارة و التحرير
نجلاء كمال

ذكرى انتصارات أكتوبر.. يوم أن سحق الجيش المصري أسطورة الجيش الذي لا يقهر في ٦ ساعات

شرين احمد

الأحد, 5 أكتوبر, 2025

02:07 م

تحتفل مصر كل عام بذكرى انتصارات 6 أكتوبر المجيدة، يوم العزة والكرامة الذي استعاد فيه الجيش المصري شرف الوطن وكرامته، وكتب صفحة مشرقة في تاريخ الأمة العربية.

هذا اليوم ليس مجرد تاريخ عابر، بل هو رمز للوحدة الوطنية والإرادة التي لا تقهر، وإشارة واضحة إلى أن الشعب المصري قادر على مواجهة التحديات بعزيمة وإصرار.

السادات يعلن ميلاد العزة المصرية: "لن نسلم ولا سنتيمتر واحد من أرضنا"

من بين الخطابات التي خلدها التاريخ المصري الحديث، يظل خطاب الرئيس الراحل محمد أنور السادات أمام مجلس الشعب عقب حرب أكتوبر المجيدة، أحد أهم الوثائق السياسية والعسكرية في الوجدان الوطني، لما حمله من رسائل القوة والثقة والكرامة إلى الداخل والخارج على حد سواء.

السادات.. قائد عاش تجربة الهزيمة والانتصار

في هذا الخطاب الذي ألقاه السادات عقب عبور قناة السويس في السادس من أكتوبر 1973، لم يكن يتحدث كرئيس منتصر فحسب، بل كقائد عاش تجربة الهزيمة والانتصار، وأراد أن يسجل للتاريخ كيف تحول اليأس إلى أمل، والانكسار إلى عزة.

رسالة للعالم: مصر لا تُهزم

منذ اللحظة الأولى، وجه السادات حديثه إلى الشعب والأمة والعالم، مؤكدًا أن ما حققته القوات المسلحة المصرية في أيام معدودة سيظل علامة فارقة في التاريخ العسكري، قائلا: "لن نسلم ولا في سنتيمتر واحد من أرضنا".

قالها بوضوح: “ربما يأتي يوم نجلس فيه لا لنتفاخر ونتباهى، بل لنتذكر ونعلم أبناءنا كيف حمل هذا الشعب الأمانة وكيف خرج الأبطال من رحم المعاناة.”

كانت تلك الكلمات إعلانًا بأن نصر أكتوبر لم يكن مجرد معركة عسكرية، بل ملحمة شعبية شاملة شارك فيها الجميع: الجندي في الميدان، والعامل في المصنع، والفلاح في الحقل، والإعلامي في الكلمة.

جيش لا يُقهر.. ووطن لا يتراجع

أكد السادات أن الجيش المصري أثبت للعالم أنه جيش لا يُهزم، وأن ما حدث عام 1967 كان “نكسة عارضة لا تمثل الأمة ولا قدرها”.

وأشار إلى أن القوات المسلحة نفذت "معجزة عسكرية على أعلى مقياس في التاريخ الحديث"، حين عبرت قناة السويس واقتحمت خط بارليف في ست ساعات فقط.

ولم ينس الرئيس الراحل أن يشيد بالجيش السوري ورفاق السلاح في الجبهة الشمالية، مؤكدًا أن الحرب كانت حرب الأمة العربية كلها ضد العدوان، وليست حرب مصر وحدها.

من الحرب إلى السلام

انتقل السادات في خطابه إلى الحديث عن السلام العادل، مشددًا على أن مصر “لم تحارب من أجل العدوان بل من أجل الحق”، وأن “السلام القائم على العدل هو وحده السلام الذي يدوم”.

وجه رسائل قوية لإسرائيل، قائلاً إن “نظرية الأمن الإسرائيلي قد تحطمت”، وإن قوة الردع لن تفرض سلامًا، لأن السلام يُصنع بالعدل لا بالإرهاب.

كما وجه السادات رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأمريكي حينها “ريتشارد نيكسون”، محددًا بوضوح رؤية مصر للسلام:

  1. انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة عام 1967.

  2. احترام حقوق الشعب الفلسطيني.

  3. عقد مؤتمر دولي للسلام تحت مظلة الأمم المتحدة.

  4. فتح قناة السويس أمام الملاحة الدولية بعد التحرير.

نداء التاريخ

أنهى السادات خطابه بخشوع يليق بعظمة اللحظة، داعيًا الله أن يحفظ مصر وجيشها، مؤكدًا أن ما تحقق هو نصر للإيمان والإرادة قبل أن يكون نصرًا للسلاح.

قال بصدق القائد المؤمن: “كتب عليكم القتال وهو كره لكم... كنا ولا نزال نريد الحق لا الحرب، لكننا كنا وسنظل نريد الحق حتى لو فرضت علينا الحرب.”

إرث خالد

بقي خطاب السادات بعد أكتوبر ليس مجرد بيان سياسي، بل وثيقة تاريخية تجسد روح أمة خرجت من ظلام الهزيمة إلى فجر النصر، ومن التبعية إلى الريادة.

لقد وضع السادات في كلماته حجر الأساس لنهج السلام القائم على القوة والكرامة، وأعاد إلى المصريين الثقة بأنهم قادرون على تحقيق المعجزات متى توحدت الإرادة.

 

Image