في خطوة تعكس تصاعدي التوتر بين واشنطن وبكين، أعلنت الولايات المتحدة رسمياً حظر تطبيق "تيك توك" على الأجهزة الحكومية بدءاً من اليوم. ورغم اقتصار القرار حالياً على المؤسسات الحكومية، إلا أن النقاش يتصاعد حول احتمال توسيع الحظر ليشمل عموم المستخدمين في الولايات المتحدة.
هذا القرار أثار العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراءه، خاصة في ظل الشعبية الهائلة التي يتمتع بها التطبيق الصيني في أمريكا، حيث أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الملايين.
كيف بدأ تيك توك ومتى دخل أمريكا؟
تطبيق "تيك توك"، الذي أطلقته شركة "بايت دانس" الصينية في سبتمبر 2016، دخل السوق الأمريكية بشكل رسمي في أغسطس 2018، بعد استحواذ الشركة على تطبيق "ميوزيكلي" الشهير بين المراهقين. منذ ذلك الحين، شهد التطبيق نمواً هائلاً، متفوقاً على العديد من المنصات الأمريكية الكبرى مثل "يوتيوب" و"إنستغرام"، ليصبح واحداً من أكثر التطبيقات استخداماً وتنزيلاً في الولايات المتحدة.
عدد المستخدمين وأكثر الفئات استخداماً للتطبيق
وفقاً للإحصائيات الأخيرة، يبلغ عدد المستخدمين النشطين لتطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة أكثر من 150 مليون مستخدم شهرياً، مما يجعله من بين التطبيقات الأكثر شعبية في البلاد. وتشير التقارير إلى أن الفئة العمرية من 16 إلى 24 عاماً تمثل الشريحة الأكبر من مستخدمي التطبيق، حيث يستخدمه المراهقون والشباب لمشاركة مقاطع الفيديو القصيرة والإبداعية، مما ساهم في تحويله إلى منصة رئيسية للتعبير الثقافي والاجتماعي.
تيك توك vs يوتيوب: الأرقام تتحدث
فيما يتعلق بحجم المشاهدة، يقضي المستخدم الأمريكي العادي حوالي 90 دقيقة يومياً على "تيك توك"، متفوقاً على "يوتيوب"، الذي يبلغ متوسط استخدامه اليومي 75 دقيقة. هذه الأرقام تعكس قدرة "تيك توك" على جذب المستخدمين من خلال خوارزمياته الذكية التي تقدم محتوى مخصصاً بناءً على تفضيلاتهم.
لماذا تم حظر تيك توك؟
تعددت الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لحظر التطبيق، ومن أبرزها:
1. مخاوف أمنية: تتعلق بقدرة الحكومة الصينية على الوصول إلى بيانات المستخدمين الأمريكيين، مما يهدد الخصوصية والأمن القومي.
2. التأثير على الرأي العام: تشير تقارير إلى أن خوارزميات "تيك توك" قد تُستخدم للتلاعب بالمستخدمين أو التأثير على الانتخابات.
3. الحرب الاقتصادية: يُنظر إلى الحظر كجزء من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسعى واشنطن للحد من النفوذ التكنولوجي الصيني المتنامي.
هل ترد الصين بحظر يوتيوب والتطبيقات الأمريكية الأخرى؟
الصين بدورها لديها سجل طويل من حظر التطبيقات والمنصات الأمريكية، حيث تُمنع تطبيقات مثل "يوتيوب"، "فيسبوك"، "تويتر"، و"إنستغرام" من العمل داخل البلاد. ومن غير المستبعد أن تتخذ بكين خطوات مماثلة إذا استمر الضغط الأمريكي على "تيك توك".
التأثير المتوقع للقرار على تيك توك
من المتوقع أن يواجه التطبيق صعوبات كبيرة في السوق الأمريكية إذا توسع الحظر ليشمل جميع المستخدمين، مما سيؤثر على عائداته التي تعتمد بشكل كبير على الإعلانات في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن قاعدة المستخدمين الكبيرة للتطبيق قد تدفعهم للبحث عن وسائل للتحايل على الحظر باستخدام شبكات VPN، ما قد يحد من التأثير الكامل للقرار.
بين الاقتصاد والسياسة
بينما تروج الولايات المتحدة أن الحظر مرتبط بالأمن القومي، يرى مراقبون أنه جزء من الحرب الاقتصادية والتكنولوجية بين القوتين العظميين. فالتنافس لا يقتصر على التجارة والصناعات، بل يمتد إلى المجال الرقمي، حيث تسعى كل دولة لفرض هيمنتها على التكنولوجيا العالمية.
مستقبل تيك توك في أمريكا
رغم الضغوط، فإن "تيك توك" أثبت قدرته على التأقلم ومواجهة التحديات. القرار الأمريكي قد يدفع الشركة لتقديم تنازلات إضافية، مثل نقل بيانات المستخدمين الأمريكيين إلى خوادم داخل الولايات المتحدة، في محاولة لتخفيف المخاوف والعودة إلى الساحة.
هل سيُكتب لتطبيق "تيك توك" النجاة من هذا الصراع؟ أم أن هذا القرار سيكون البداية لنهاية هيمنة التطبيق في أمريكا؟ الأسابيع القادمة ستكشف المزيد.