في خطوة لاقت استحسان جمهور إذاعة القرآن الكريم، وافق مجلس الهيئة الوطنية للإعلام برئاسة الكاتب أحمد المسلماني على قرار وقف بث الإعلانات التجارية على إذاعة القرآن الكريم اعتبارًا من الأول من يناير 2025. جاء القرار بعد شكاوى عديدة من جمهور الإذاعة وقادة المؤسسات الدينية، الذين اعتبروا أن الإعلانات تضر برسالة الإذاعة الروحية.
تأسيس إذاعة القرآن الكريم
تأسست إذاعة القرآن الكريم عام 1964، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، بهدف نشر الثقافة الإسلامية وتعليم المسلمين أحكام دينهم وتلاوة القرآن الكريم على أيدي كبار القراء. جاءت الإذاعة كجزء من رؤية الدولة لدعم الهوية الإسلامية في مواجهة التحديات الفكرية والثقافية.
بدأت الإذاعة ببث متواضع يمتد لساعات محدودة، لكن سرعان ما تطورت لتصبح صوتًا قويًا للإسلام الوسطي. كانت تُبث تلاوات القرآن الكريم بصوت أعظم قراء العصر، مثل الشيخ محمود خليل الحصري، الشيخ محمد صديق المنشاوي، الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وغيرهم من أعلام التلاوة.
رمز للقوة الناعمة المصرية
تحولت إذاعة القرآن الكريم إلى واحدة من أبرز رموز القوة الناعمة في مصر. ليس فقط بسبب محتواها الديني المميز، ولكن لأنها أصبحت قبلة القراء المسلمين من مختلف أنحاء العالم. استضافت الإذاعة مسابقات دولية لتلاوة القرآن الكريم وشهدت انطلاقة العديد من كبار القراء.
كما نجحت الإذاعة في ترسيخ مكانتها كمنبر تعليمي، حيث قدمت برامج دينية متميزة مثل "التفسير" و"السيرة النبوية"، التي أثرت في وجدان الملايين وأسهمت في نشر الفهم الصحيح للدين.
أهم لحظات إذاعة القرآن الكريم
1. التأسيس (1964): كان لحظة انطلاق الإذاعة بمثابة نقطة تحول في الإعلام الديني المصري.
2. إدخال البث المباشر: مع تطور التقنية، بدأت الإذاعة في بث الصلوات والفعاليات الدينية الكبرى مباشرة، مما زاد من شعبيتها.
3. حرب 1973: لعبت الإذاعة دورًا مهمًا في بث الأدعية والدعوات للوطن أثناء الحرب، مما عزز الروح المعنوية للشعب المصري.
4. التوسع العالمي: أصبحت إذاعة القرآن الكريم متاحة عبر الأقمار الصناعية، مما مكّن المسلمين حول العالم من الاستماع إليها.
الإعلانات.. بين الحاجة والجدل
رغم مكانتها الدينية، ظلت إذاعة القرآن الكريم صامدة أمام التغيرات الاقتصادية حتى سنوات قليلة مضت. لكن دخول الإعلانات التجارية على موجاتها أثار جدلًا واسعًا.
رأى البعض أن الإعلانات ضرورة اقتصادية لتغطية نفقات الإذاعة.
بينما اعتبر آخرون أن الإعلانات تسيء لرسالة الإذاعة الروحية، حيث لا يتماشى المحتوى التجاري مع قدسية المحتوى الديني.
هذا الجدل دفع المسؤولين، وعلى رأسهم أحمد المسلماني، لاتخاذ قرار حاسم بنقل الإعلانات إلى إذاعات أخرى تابعة للهيئة الوطنية للإعلام.
دور وزارة المالية والمجلس الأعلى للإعلام
أشاد المسلماني بالدور الكبير الذي لعبه المهندس خالد عبد العزيز، بالتعاون مع وزارة المالية، في توفير الدعم المالي اللازم لتعويض أي تراجع في عوائد الإعلانات بعد نقلها. كما وجه الشكر للمجلس الأعلى للإعلام على دعمه الكامل للقرار، الذي يعكس احترامًا لخصوصية إذاعة القرآن الكريم.
إذاعة القرآن الكريم ليست مجرد وسيلة إعلامية، بل هي منبر روحي وثقافي يعكس الوجه الإسلامي الوسطي لمصر. قرار وقف الإعلانات يعيد للأذهان الدور الريادي الذي لعبته الإذاعة منذ تأسيسها في الحفاظ على الهوية الإسلامية ونشر الثقافة القرآنية. ومع استمرار الدعم الرسمي، ستظل إذاعة القرآن الكريم أحد أهم رموز القوة الناعمة المصرية.