محمد بن سلمان وماكرون
السعودية تُبدي استعدادها لدعم إعادة الإعمار
في خطوة لافتة تعكس الاهتمام الإقليمي والدولي بمستقبل لبنان، أعلنت السعودية عن استعدادها للمشاركة في جهود إعادة إعمار لبنان. جاءت هذه التصريحات لتؤكد الدور الفاعل الذي يمكن أن تلعبه الرياض في دعم استقرار هذا البلد العربي، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعيشها.
وفقًا لمصادر مطلعة، فإن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة إلى الرياض ولقاءه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد تناولت هذا الملف بشكل مفصل. ماكرون، الذي يُعرف بمبادراته تجاه لبنان منذ انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، يسعى إلى حشد الدعم الدولي لإعادة بناء ما تهدم جراء الأزمات المتلاحقة.
التحركات الإيطالية لعقد مؤتمر دولي
إلى جانب التحركات السعودية، أبدت إيطاليا استعدادها لاستضافة مؤتمر دولي يُكرّس جهود المجتمع الدولي لإعادة إعمار لبنان. المبادرة الإيطالية جاءت في توقيت حساس، حيث يعاني لبنان من نقص في التمويل والإمكانات لتنفيذ مشاريع بنيوية ضرورية، وسط تحديات سياسية واقتصادية خانقة.
وزير الخارجية الإيطالي أشار في تصريحاته الأخيرة إلى أن بلاده ترى في إعادة إعمار لبنان فرصة لتعزيز التعاون الدولي ومساعدة الشعب اللبناني على تجاوز محنته. وأكد أن المؤتمر المزمع عقده سيجمع دولاً مانحة ومنظمات دولية كبرى لمناقشة الخطط والتمويل اللازمين.
إعادة الإعمار بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة
عملية إعادة إعمار لبنان تأتي بعد الحرب البربرية التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد لبنان، حيث قصفت فيها الحجر والشجر ودمرت مئات الأبراج السكنية بشكل كلي، بالإضافة إلى آلاف الوحدات السكنية التي تضررت بشكل جزئي. كما استهدفت هذه الحرب البنية التحتية اللبنانية بشكل واسع، مما أدى إلى تدمير العديد من الطرق والجسور والمرافق الحيوية.
الحرب التي استمرت لأسابيع وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية فادحة، توقفت قبل عدة أيام بمبادرة أمريكية. وتشير التقديرات الأولية إلى أن تكلفة إعادة الإعمار بعد هذه الحرب قد تتجاوز 13 مليار دولار أمريكي، تشمل حوالي 6 مليارات دولار لإعادة بناء المنازل والبنية التحتية المدمرة، و7 مليارات دولار لتعويض الخسائر الاقتصادية.
كم تحتاج بيروت لإعادة الإعمار؟
إلى جانب آثار الحرب الأخيرة، تشير تقديرات البنك الدولي وتقارير دولية أخرى إلى أن تكلفة إعادة إعمار لبنان قد تصل إلى 15 مليار دولار أمريكي لإصلاح الأضرار التي لحقت بالبلاد خلال السنوات الماضية. تشمل هذه التقديرات إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، وترميم المنازل والمؤسسات، وتعزيز قطاعي الكهرباء والمياه اللذين يعانيان من تدهور حاد.
حجم الدمار والخسائر
بلغ عدد الوحدات السكنية المدمرة كليًا حوالي 50 ألف وحدة، بينما تضررت 32 ألف وحدة بشكل جزئي، وأصيب 150 ألف وحدة بأضرار بسيطة يمكن إصلاحها بسرعة. كما شملت الأضرار تدمير قرى بأكملها في الجنوب والبقاع وأجزاء من بيروت، مما يجعل حجم الدمار في حرب 2024 أكبر بكثير مما شهدته حرب 2006.
الدور المنتظر من المجتمع الدولي
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال حول قدرة المجتمع الدولي على الوفاء بالتزاماته تجاه لبنان. تصريحات السعودية وتحركات إيطاليا تُشير إلى وجود نوايا إيجابية، لكن التحدي الأكبر يكمن في تحويل هذه النوايا إلى أفعال ملموسة.
اللبنانيون ينتظرون أن تكون هذه التصريحات والمبادرات بداية جديدة لبلدهم، تعيده إلى مسار التعافي والاستقرار. ومع تضافر الجهود الدولية، قد يصبح حلم إعادة إعمار بيروت حقيقة تعيد إليها ألقها ومكانتها في المنطقة.