قضية تهجير الفلسطينيين من أراضيهم لم تكن المرة الأولى، بل هي حلم إسرائيلي لم تتوقف عن التفكير فيه منذ نكبة 1948. وحاليًا، تُطرح الفكرة مجددًا وترحب بها إسرائيل، خاصةً أنها مقترحة من حليفها، الرئيس دونالد ترامب، لنقل سكان غزة إلى مصر والأردن، الدولتين المتاخمتين لحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة.
مقترح ترامب لاقى رفضًا شعبيًا وإعلاميًا كبيرًا في مصر والأردن، كما رفضته العديد من الدول العربية، على رأسها المملكة العربية السعودية. وقد بدأت مشاريع توطين الفلسطينيين في الدول العربية منذ عام 1953، حيث سميت حينها بـ«خطة سيناء» و«مشروع الجزيرة» شمال سوريا، واللذين استهدفا توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والعراق، بالإضافة إلى «مشروع جونسون» لتوطين الفلسطينيين الموجودين في الضفتين الشرقية والغربية حول نهر الأردن.
عرف الفلسطينيون «التهجير القسري» عن وطنهم عام 1948 مع إعلان قيام دولة إسرائيل. وفي العام التالي، أسست الأمم المتحدة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) للاستجابة لاحتياجات ما يقرب من ثلاثة أرباع مليون فلسطيني.
وفي عام 1953، طُرِح مخطط جديد يسمى «خطة سيناء»، التي دعمتها واشنطن وتشمل تهجير الفلسطينيين إلى تلك البقعة المصرية، لكنها لم ترَ النور. وقد طرحها إيجال ألون على الحكومة الإسرائيلية بهدف ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن ومصر.
كما أُثير ذلك المخطط الصهيوني عام 1970، حيث اقترحه قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، أرئيل شارون، لنقل سكان غزة إلى سيناء والعريش، وكانتا آنذاك تحت الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن المخطط لم يُنفَّذ.
وفي عام 2000، طُرِحت مجددًا تلك المخططات، حيث قدم القائد العسكري الإسرائيلي، غيورا أيلاند، مشروعًا طالب فيه مصر بتقديم تنازلات في سيناء لبناء دولة فلسطينية مقابل تقديم حوافز لمصر، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض.
كما رفض الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن، مقترح ترامب خلال ولايته الأولى لتنفيذ مخطط جديد لتهجير الفلسطينيين تحت ما سُمي بـ«صفقة القرن». وأكد الملك عبد الله رفضه القاطع لمشروع «الوطن البديل»، مشددًا على أن فلسطين والقدس خط أحمر. كما قوبل المخطط برفض رسمي مصري متكرر لمشاريع التهجير.
وكانت «حرب غزة» محطة جديدة لعودة مخططات التهجير والدعوة إلى إبعاد الفلسطينيين إلى مصر، وتهجير عرب غزة إلى دول العالم. ومؤخرًا، عاد ترامب بطرح مبادرة لمصر والأردن لاستقبال المزيد من اللاجئين الفلسطينيين من غزة، وسط رفض فلسطيني كبير. وقوبلت تصريحات ترامب بتأييد كبير من اليمين الإسرائيلي، وعلى رأسه وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل، إيتمار بن غفير.
وأصدرت المملكة العربية السعودية بيانًا ردًا على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين وعدم إقامة دولة فلسطينية بموافقة بعض الدول العربية. وأكدت المملكة أن موقفها من قيام الدولة الفلسطينية راسخ وثابت لا يتزعزع، مشددة على أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أكد هذا الموقف بشكل واضح وصريح خلال مقابلته مع قناة “فوكس نيوز” بتاريخ 18 سبتمبر 2023، حيث شدد على أن المملكة لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية، وأنها لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك.
وفي لقاء رسمي جمع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع محمد مصطفى، وزير التخطيط الفلسطيني، اليوم الأربعاء في القاهرة، شدد الجانبان المصري والفلسطيني على أهمية إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه. كما أكد الوزير خلال اللقاء دعم مصر الكامل للسلطة الفلسطينية، مشددًا على ضرورة تمكينها سياسيًا واقتصاديًا لتتمكن من أداء مهامها في غزة كجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع التأكيد على دعم مصر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والسعي لحل سياسي عادل ودائم للقضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.