نتنياهو
في تصعيد جديد قد يخلط الأوراق على الساحة الإسرائيلية والفلسطينية، كشفت القناة 12 الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعقد اليوم اجتماعًا أمنيًا لمناقشة احتمالات إيقاف صفقة تبادل الأسرى مع حماس والعودة إلى القتال في غزة فورًا. يأتي هذا التهديد في ظل تغير الإدارة الأمريكية، حيث عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ما قد يمنح نتنياهو مساحة أكبر للمناورة. لكن السؤال الأهم: هل هذا تهديد جاد أم مجرد ورقة ضغط سياسية؟
لماذا يهدد نتنياهو بوقف الصفقة؟
1. ضغوط اليمين المتطرف: محاولة لكسب الداخل الإسرائيلي
يواجه نتنياهو ضغوطًا هائلة من اليمين المتطرف داخل حكومته، خاصة من شخصيات مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين يرفضون أي اتفاق مع حماس ويطالبون بإكمال الحرب حتى "القضاء التام" على الحركة. تصاعدت هذه الضغوط بعد مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين، التي ظهرت فيها حماس كطرف قوي ومنظم، وهو ما اعتبره المتطرفون إذلالًا لإسرائيل وانتصارًا إعلاميًا لحماس.
2. المشاهد الصادمة لتسليم الأسرى.. هل أحرجت إسرائيل؟
أظهرت مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين مقاتلي حماس بكامل لياقتهم البدنية، يستقلون العشرات من سيارات الدفع الرباعي، منظمين ومنتصرين، وهو ما شكل ضربة نفسية قاسية للإسرائيليين. هذه الصور ناقضت تمامًا تصريحات نتنياهو المتكررة بأنه "قضى على حماس"، مما أدى إلى تصاعد الانتقادات الداخلية واتهامه بالكذب على الشعب الإسرائيلي.
3. هل يستغل نتنياهو عودة ترامب إلى السلطة؟
عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تكون عاملًا مشجعًا لنتنياهو لاتخاذ قرارات تصعيدية، فإدارة ترامب السابقة كانت أكثر دعمًا لإسرائيل ورفضًا لأي تسوية مع الفلسطينيين. ومع عودته، قد يشعر نتنياهو بأنه يستطيع التحرك عسكريًا دون قيود أمريكية، خاصة أن ترامب معروف بعدم اكتراثه بالانتقادات الدولية.
4. مناورة للحصول على تنازلات من حماس؟
هناك احتمال أن يكون تهديد نتنياهو مجرد ورقة ضغط على حماس في المرحلة الثانية من المفاوضات، التي تشمل تبادل المزيد من الأسرى مقابل وقف إطلاق النار طويل الأمد. تصعيده الكلامي قد يكون محاولة لانتزاع شروط أفضل، أو إجبار حماس على تقديم تنازلات أكبر.
5. هل يحاول نتنياهو استباق أي مبادرات أمريكية؟
على الرغم من دعم ترامب القوي لإسرائيل، إلا أن هناك احتمالًا بأن تطرح إدارته الجديدة "صفقة كبرى" تشمل حلًا جزئيًا للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وهو ما لا يريده نتنياهو. التهديد بالعودة إلى الحرب قد يكون طريقة لفرض واقع جديد على الأرض، قبل أن تبدأ واشنطن في أي محاولات للضغط على تل أبيب.
هل يعود نتنياهو للحرب مجددًا؟ تحليل شخصيته يقول
نتنياهو ليس قائدًا عسكريًا متهورًا، بل سياسي بارع في المراوغة والتكتيك، وقراراته دائمًا تخضع لحسابات شخصية أكثر من كونها قرارات استراتيجية. فهو معروف بأنه:
يخشى المغامرة العسكرية غير المضمونة، خاصة أن جيشه لم يحقق حتى الآن "انتصارًا حاسمًا" في غزة.
يضع أولويته في البقاء بالسلطة، وهو ما يجعله مترددًا بين إرضاء اليمين المتطرف وبين تجنب الانزلاق إلى حرب طويلة الأمد.
يعتمد على الدعم الأمريكي، لكنه أيضًا يعرف حدوده، فحتى ترامب قد لا يرغب في حرب جديدة في الشرق الأوسط تؤثر على أجندته الداخلية.
السيناريوهات المتوقعة
1. تصعيد محدود دون حرب شاملة: قد يلجأ نتنياهو إلى ضربات جوية مركزة في غزة بدلًا من الدخول في مواجهة شاملة، بهدف تهدئة اليمين الإسرائيلي وإثبات أنه لا يقدم تنازلات مجانية لحماس.
2. المراوغة والاستمرار في الصفقة: قد يواصل تنفيذ الصفقة لكن مع وضع شروط إضافية أو تأخير تنفيذ بعض بنودها، بحيث يظهر أنه لا يخضع للضغوط الدولية.
3. التصعيد الكبير والعودة للحرب: وهو الخيار الأكثر خطورة، لكنه قد يلجأ إليه إذا شعر أن حكومته مهددة بالسقوط تحت ضغط المتطرفين، أو إذا حصل على ضوء أخضر قوي من إدارة ترامب.
تهديد نتنياهو بوقف الصفقة والعودة للحرب قد يكون مناورة سياسية أكثر من كونه قرارًا حقيقيًا. لكنه في الوقت نفسه قد يجد نفسه مضطرًا للتصعيد، إذا استمرت الضغوط الداخلية عليه. عودة ترامب إلى السلطة تمنح نتنياهو مساحة أكبر للمناورة، لكن يبقى السؤال الأهم: هل سيغامر بحرب جديدة، أم أنه سيفضل كسب الوقت والمراوغة كما اعتاد؟ الأيام القادمة ستكون كاشفة لما يدور في عقل نتنياهو، ولكن المؤكد أن مستقبله السياسي هو ما يحكم قراراته، وليس مصلحة إسرائيل أو أمنها.