في تطور جديد يعكس قدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مواجهة التحديات الأمنية، تمكنت الحركة اليوم من تسليم ثلاث أسيرات إسرائيليات في إطار صفقة التبادل الحالية، بعيدًا عن أعين الموساد وطائرات التجسس الإسرائيلية.
وقد كشف إبراهيم الدراوي الصحفي المتخصص في الشئون الفلسطينية عن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحركة لتأمين العملية وضمان نجاحها.
إجراءات صارمة لضمان السرية
وقال الدراوي في تصريحات للمصير أن حماس نفذت سلسلة من الخطوات الاحترازية لضمان عدم تعقب الأسيرات أو كشف مسار العملية من قبل الاستخبارات الإسرائيلية. وأضاف: "منذ بدء الهدنة، تم فرض حظر كامل على تحليق الطائرات الإسرائيلية، بما في ذلك الدرونز والمسيرات، فوق قطاع غزة. هذا الحظر يشمل كافة المناطق المأهولة بالسكان، مما يمنح حرية حركة نسبية للفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي".
كما أكد الدراوي أن الهدنة تتضمن ضمانات دولية من الولايات المتحدة، مصر، وقطر، بعدم تعقب قادة حماس أو الجناح العسكري للحركة، كتائب القسام، خلال مرحلة تسليم الرهائن. وأشار إلى أن هذه الضمانات توفر بيئة آمنة لتنفيذ الصفقة، خاصة في ظل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع خلال هذه الفترة.
قدرة على التخفي وديموغرافية متقنة
ولفت الدراوي أن حماس تتمتع بخبرة طويلة في إدارة العمليات الحساسة داخل قطاع غزة، مستفيدة من معرفتها الدقيقة بالجغرافيا والديموغرافيا المحلية.
وأوضح أن الحركة لديها قدرة فائقة على التخفي واستغلال الطبيعة الجغرافية المعقدة للقطاع، ما يجعل من الصعب على إسرائيل تتبع تحركاتها.
وأضاف: "هذه المعرفة تتيح لحماس تنسيق العمليات بسرية تامة، بما في ذلك نقل الأسيرات إلى مواقع محددة بعيدًا عن أي احتمال لرصد استخباراتي إسرائيلي".
لماذا يخشي نتنياهو المرحلة الثانية من الصفقة ؟
أما بالنسبة للمرحلة الثانية من الصفقة، التي من المقرر أن تبدأ بعد 16 يومًا، فتشمل إطلاق سراح جنرالات إسرائيليين تم أسرهم خلال عملية "طوفان الأقصى". ووفقًا للدراوي ، فإن هذه المرحلة ستكون الأكثر تعقيدًا، بسبب معارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإطلاق سراح هؤلاء الجنرالات.
وأوضح الخبير أن الجنرالات يشكلون خطرًا سياسيًا على نتنياهو، إذ يمكنهم الكشف عن إخفاقات الجيش الإسرائيلي وحكومة نتنياهو المتطرفة، خصوصًا فيما يتعلق بمجزرة "طوفان الأقصى"، التي راح ضحيتها مواطنون إسرائيليون أثناء محاولتهم الفرار من الملهى الليلي.
وسيكشف هؤلاء الجنرالات أن الجيش الإسرائيلي هو من قتل الإسرائيلين أثناء خروجهم من ملهي ليلى..
صفقة قد تهدد مستقبل نتنياهو
يرى مراقبون أن نجاح الصفقة قد يشكل تهديدًا سياسيًا كبيرًا على مستقبل نتنياهو، خاصة إذا تم الإفراج عن الجنرالات الذين قد يفضحون تفاصيل فشل القيادة الإسرائيلية خلال الأحداث الأخيرة. وأشار الخبير إلى أن "هذه الصفقة يمكن أن تكون النقطة الفاصلة في تحديد مستقبل نتنياهو السياسي، حيث قد يواجه ضغوطًا متزايدة من المعارضة والجمهور الإسرائيلي".
عملية تسليم الأسيرات الإسرائيليات اليوم تمثل إنجازًا أمنيًا جديدًا لحماس، يعكس قدرتها على إدارة صفقات معقدة بعيدًا عن أعين التجسس الإسرائيلي. ومع دخول الصفقة مرحلتها الثانية، يبدو أن التحديات السياسية والأمنية ستتصاعد، ليس فقط على المستوى الفلسطيني، ولكن أيضًا داخل إسرائيل نفسها، حيث قد تتسبب الصفقة في زعزعة استقرار حكومة نتنياهو.