في خطوة تُعد مفصلية في تاريخ السياسة اللبنانية، كُلّف الدبلوماسي والقاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة من قبل الرئيس المنتخب جوزيف عون. اختيار سلام، المعروف بخبرته القانونية ودوره الدبلوماسي، أثار جدلًا وتفاؤلًا في آنٍ واحد، في ظل الأزمات المتعددة التي تواجهها البلاد. إليك أهم خمس معلومات، وبعضها طريف، عن هذه الشخصية التي تستعد لقيادة لبنان في واحدة من أصعب مراحله.
1. منصة دولية وحنكة دبلوماسية
نواف سلام هو أول لبناني شغل منصب قاضٍ في محكمة العدل الدولية في لاهاي منذ عام 2018، وهو المنصب الذي أكسبه شهرة واسعة على الصعيد الدولي. قبل ذلك، عمل مندوبًا دائمًا للبنان لدى الأمم المتحدة (2007-2017)، حيث أدار مفاوضات دبلوماسية صعبة، بما في ذلك المتعلقة بملف اللاجئين السوريين والأزمات الإقليمية. يُعرف عنه أسلوبه الحازم والمتزن في إدارة النقاشات، ما يجعله شخصية توافقية بين الفرقاء السياسيين.
2. أكاديمي من الطراز الأول
حاصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة باريس، كما درس العلوم السياسية في جامعة هارفارد. سلام يُعتبر من أبرز الخبراء في القوانين الدولية والنزاعات الإقليمية، مما يجعله مؤهلاً للتعامل مع القضايا المعقدة التي تعصف بلبنان، مثل ملف الحدود البحرية مع إسرائيل والأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
3. قاضٍ بين الحزم والطرافة
على الرغم من جديته في القضايا الدولية، يُعرف نواف سلام بروح الفكاهة التي تبرز في حياته اليومية. واحدة من الطرائف التي تناقلها المقربون عنه هي أنه غالبًا ما يُطلق على نفسه لقب "القاضي الرحّال"، بسبب كثرة تنقلاته بين العواصم العالمية. يُقال إنه احتفظ بخريطة صغيرة للبنان في مكتبه في لاهاي، ويمازح زملاءه بقوله: "أُدير العالم من لبنان الصغير".
4. عائلته السياسية واليسارية
ينحدر نواف سلام من عائلة ذات جذور سياسية عريقة؛ فهو نجل الصحفي والمثقف اللبناني سليم سلام، وأحد أفراد العائلة البيروتية التي لعبت دورًا بارزًا في تاريخ لبنان الحديث. ورغم خلفيته العائلية البرجوازية، عُرف بميله للأفكار اليسارية والدفاع عن العدالة الاجتماعية، وهو ما أكسبه احترامًا واسعًا لدى النخب السياسية والشعبية.
5. تكليف وسط عاصفة الأزمات
تكليف نواف سلام جاء في ظل أزمة اقتصادية خانقة، حيث بلغ انهيار العملة اللبنانية مستويات غير مسبوقة. يُقال إن الرئيس المنتخب جوزيف عون فضّل سلام لأنه يتمتع بعلاقات دولية قد تسهم في جذب الدعم الدولي لإنقاذ لبنان. ومع ذلك، يواجه سلام تحديات داخلية هائلة بسبب الانقسامات السياسية والطائفية، فضلاً عن الإرث الثقيل لحكومات سابقة.
نواف سلام ليس مجرد شخصية أكاديمية أو دبلوماسية؛ هو شخصية تتحدى الواقع اللبناني المعقد بخبرته وحكمته. ومع تصاعد الآمال والتحديات، يبقى السؤال: هل سيتمكن سلام من تشكيل حكومة فاعلة، أم سيُعيد التاريخ دورته في بلد اعتاد على الأزمات؟ الأكيد أن اللبنانيين يترقبون بفارغ الصبر خطواته المقبلة.