رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

رسائل مثيرة من القاهرة لأنقرة وأديس أبابا.. لا نقبل بأي تواجد عسكري في البحر الأحمر لغير الدول المشاطئة له

المصير

السبت, 11 يناير, 2025

02:44 م

تحليل سياسي :محمد أبوزيد 

في تصريحات تحمل أبعادًا استراتيجية ورسائل مبطنة إلى إثيوبيا وتركيا، أكد وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه الصومالي والإريتري، أن أمن البحر الأحمر يجب أن يظل قاصرًا على الدول المشاطئة فقط، مشددًا على رفض مصر لأي تواجد عسكري أجنبي في المنطقة.

هذه التصريحات جاءت في أعقاب اجتماع اللجنة الوزارية الثلاثية بين مصر وإريتريا والصومال، والتي تناولت تعزيز العلاقات المشتركة ومناقشة الأوضاع الإقليمية في القرن الإفريقي، في ظل محاولات إثيوبية وتركية لإقامة قواعد عسكرية في المنطقة، وهو ما تعتبره القاهرة تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي وأمن البحر الأحمر.

إثيوبيا ومساعيها المشبوهة

تحاول إثيوبيا، التي لا تمتلك منفذًا بحريًا منذ استقلال إريتريا عنها في عام 1993، كسر هذا الحصار الجغرافي عبر محاولات مشبوهة لإقامة قاعدة عسكرية في إقليم صومال لاند الانفصالي. تسعى أديس أبابا من خلال هذه الخطوة إلى الحصول على منفذ مباشر للبحر الأحمر، مما يثير قلق القاهرة التي ترى في هذه التحركات تهديدًا مباشرًا لتوازن القوى في المنطقة.

مصر، التي تعتبر البحر الأحمر جزءًا من أمنها الاستراتيجي، سبق أن وجهت رسائل واضحة لإثيوبيا. فقد أرسلت القاهرة قوات عسكرية وأسلحة إلى الصومال، في إشارة إلى دعم الحكومة الصومالية الشرعية وتأكيدًا على رفضها لأي وجود عسكري إثيوبي في المنطقة.

التحركات التركية والمناكفة الإقليمية

على الجانب الآخر، تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها الإقليمي عبر إقامة قاعدة عسكرية في الصومال، وهي القاعدة التي تمثل أضخم تواجد عسكري تركي في إفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، تعمل أنقرة على خطف الأضواء من الدور الإقليمي لمصر من خلال محاولة التوسط بين الصومال وإثيوبيا.

ورغم أن تركيا تروج لدورها في تحقيق المصالحة الإقليمية، إلا أن القاهرة ترى في هذه التحركات محاولة لتعزيز نفوذ أنقرة على حساب المصالح المصرية في القرن الإفريقي.

رسائل مصر إلى إثيوبيا وتركيا

تصريحات وزير الخارجية المصري تمثل رسالة واضحة لكل من أديس أبابا وأنقرة:

1. رفض أي وجود عسكري أجنبي في البحر الأحمر: مصر تؤكد أن أمن البحر الأحمر قاصر على الدول المشاطئة فقط، مما يعني رفضها الكامل لمحاولات إثيوبيا وتركيا إقامة قواعد عسكرية في المنطقة.


2. دعم الحكومة الصومالية الشرعية: القاهرة تعمل مع إريتريا على دعم الحكومة الصومالية لبسط نفوذها على كامل أراضيها، في مواجهة أي محاولات لفرض النفوذ الأجنبي أو تقويض وحدة الصومال.


3. تعزيز الدور المصري في القرن الإفريقي: عودة مصر للقرن الإفريقي تأتي لتأكيد ريادتها الإقليمية، خاصة في ظل محاولات بعض الأطراف كتركيا وإثيوبيا لاستغلال الفراغ السياسي والأمني في المنطقة.

مصر والقرن الإفريقي: استعادة الدور الريادي

تأتي هذه التحركات المصرية ضمن استراتيجية أوسع لتعزيز تواجدها في القرن الإفريقي، الذي يعد امتدادًا لأمنها القومي. فإلى جانب دعم الصومال، تعمل القاهرة على تقوية علاقاتها مع إريتريا والدول الأخرى المطلة على البحر الأحمر لمواجهة أي تهديدات محتملة.

تصريحات الدكتور بدر عبد العاطي حملت رسائل حاسمة لكل من إثيوبيا وتركيا، مفادها أن أمن البحر الأحمر خط أحمر لمصر، وأن أي محاولات لفرض تواجد عسكري أجنبي ستقابل برفض قاطع. وبينما تسعى القاهرة لتعزيز دورها الإقليمي، تبعث برسالة واضحة بأن أمن البحر الأحمر والقرن الإفريقي لن يكون ساحة للمناورات الخارجية، بل سيظل خاضعًا لسيادة الدول المشاطئة ومصالحها المشتركة.