رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

عزبة عبد السند يمامة حزب الوفد سابقا.. متى يستفيق سكان قصر الباشا؟

المصير

الإثنين, 6 يناير, 2025

06:02 م

تحليل يكتبه :محمد أبوزيد

في خطوة تعكس عمق الأزمة التي يعيشها حزب الوفد تحت قيادة عبد السند يمامة، أصدر الأخير قرارًا بفصل الدكتور السيد البدوي، رئيس الحزب السابق وأحد أبرز قياداته التاريخية. القرار، الذي صدر بلا مقدمات واضحة أو مسوغات قانونية مستندة إلى لائحة الحزب التأسيسية، يفتح الباب مجددًا للنقاش حول ما آل إليه "بيت الأمة" في ظل إدارة تمزج بين الفوقية والقرارات العشوائية، ليصبح الحزب العريق أقرب إلى عزبة يديرها رئيسه الحالي بمنطق الإقطاعية.

قرار فوقي يثير الغضب

عبد السند يمامة، الذي تولى رئاسة حزب الوفد في ظروف أثارت الكثير من علامات الاستفهام، أصدر قراره تحت الرقم 1 لسنة 2025 بفصل السيد البدوي من الحزب وكافة تشكيلاته، على أن يتم التنفيذ فورًا. القرار لم يأتِ بناءً على تحقيق داخلي أو مخالفة جسيمة ارتكبها البدوي، بل بدا وكأنه خطوة انتقامية تهدف إلى إقصاء كل من يشكل تهديدًا على سلطة يمامة المطلقة داخل الحزب.

هذا القرار ليس الأول من نوعه؛ فقد سبق أن اتخذ يمامة قرارات مماثلة ضد قيادات بارزة، مثل منير فخري عبد النور والنائب سليمان وهدان، ما يعكس نمطًا ثابتًا في إدارته للحزب: الإقصاء والقمع لكل من يخالفه الرأي.

السيد البدوي: "رئاسة يمامة جاءت في غفلة من الزمن"

السيد البدوي لم يلتزم الصمت حيال القرار، ووصف ممارسات عبد السند يمامة بأنها "غير مفهومة" وتعكس حالة من "التخبط والارتباك". وأضاف البدوي: "يمامة جاء إلى رئاسة الحزب في غفلة من الزمن، واستغل هذا الموقع لفرض سياسات لا تمت بصلة لتاريخ الوفد وقيمه الراسخة".

وأكد البدوي أن حزب الوفد كان على مدار تاريخه رمزًا لحرية التعبير واحترام الآراء المختلفة، لكن هذه المبادئ انهارت تحت إدارة يمامة، الذي حول الحزب إلى منصة لتمجيد قراراته الفردية.

منير فخري عبد النور: "بيت الأمة فقد هويته"

منير فخري عبد النور، أحد أعمدة الوفد التاريخية، كان من بين ضحايا قرارات يمامة التعسفية. وفي تعليق له على قرار فصل البدوي، أكد عبد النور أن حزب الوفد بات يعاني من فقدان هويته التاريخية تحت قيادة تمثل عبئًا عليه. وأوضح أن القرارات العشوائية ليمامة أفقدت الحزب مكانته، وجعلته مجرد اسم فارغ من أي مضمون سياسي أو وطني.

يمامة وتحويل الحزب إلى أداة شخصية

قيادة عبد السند يمامة لحزب الوفد أثارت منذ اليوم الأول تساؤلات حول رؤيته وأهدافه. فبدلاً من بناء حزب قوي يعبر عن طموحات الشعب المصري، تبنى يمامة نهجًا قائمًا على تهميش الكفاءات وتصعيد شخصيات لا تملك الخبرة أو الشعبية اللازمة.

أبرز مظاهر هذا النهج تمثلت في:

. قرارات الفصل العشوائية: شملت قيادات بارزة، ما عمّق الانقسامات داخل الحزب.


. فيديو تجارة الآثار: تسريب أضر بسمعة الحزب، وأثار تساؤلات حول تورط يمامة في قضايا غامضة.


. موقفه من الانتخابات الرئاسية: أعلن نيته خوض الانتخابات الرئاسية، لكنه في الوقت نفسه أيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تناقض أثار استياءً واسعًا داخل الحزب وخارجه.

الأزمات المالية والسياسية للحزب

الأزمات التي تسبب فيها يمامة لم تقتصر على القرارات الداخلية، بل امتدت لتشمل إدارة مالية وسياسية كارثية. تشير تقارير داخلية إلى أن الحزب يعاني من أزمة مالية خانقة، نتيجة غياب التخطيط وسوء الإدارة.

سياسيًا، تحوّل حزب الوفد من أحد أعمدة المعارضة المصرية إلى حزب بلا تأثير يُذكر. حتى بياناته الرسمية باتت تتسم بالتناقض وعدم الوضوح، ما أفقده احترام الشارع المصري الذي طالما نظر إليه كمنبر للحريات والديمقراطية.

بيت الأمة في مهب الريح

إدارة يمامة لا يمكن وصفها إلا بأنها محاولة منهجية لتفكيك الحزب من الداخل. فمن حزب قاد الحركة الوطنية المصرية لسنوات طويلة، أصبح الوفد اليوم أقرب إلى كيان هامشي لا دور له على الساحة السياسية.

نهج يمامة، الذي يعتمد على القرارات الفردية وفرض الأمر الواقع، حوّل الحزب إلى أداة لتحقيق طموحات شخصية لا علاقة لها بالمصلحة العامة. حتى لغة الحوار داخل الحزب باتت غائبة، وحلّ محلها خطاب الإقصاء والتخوين.

"عزبة عبد السند يمامة" بشارع بولس حنا

منذ تولي يمامة رئاسة الوفد، بدا واضحًا أنه يتعامل مع الحزب كعزبة خاصة. القرارات التي أصدرها، والطريقة التي أدار بها شؤون الحزب، جعلت الكثيرين يصفون مقر الوفد بشارع بولس حنا بأنه "عزبة عبد السند يمامة".

هذا الوصف ليس مجرد انتقاد عابر، بل يعكس حالة الغضب والإحباط التي يشعر بها الوفديون الذين يرون أن حزبهم العريق يُدار بمنطق الإقطاعية، بعيدًا عن أي رؤية أو هدف سياسي واضح.

من ينقذ الوفد؟

السؤال الذي يطرحه الجميع الآن: هل هناك أمل في إنقاذ حزب الوفد؟ الإجابة ليست سهلة، لكنها تبدأ بتغيير جذري في القيادة وإعادة الحزب إلى جذوره الوطنية. الوفد لا يزال يحمل إرثًا عظيمًا، لكنه بحاجة إلى قيادة تؤمن بهذا الإرث، وتعمل على استعادته، بدلاً من أن تفرّط فيه لصالح طموحات شخصية ضيقة.

إن استمرار يمامة على رأس الحزب يعني مزيدًا من الانحدار، ومزيدًا من الإقصاء لكل الأصوات الحرة داخله. أما إنقاذ الوفد، فهو مهمة تتطلب تضافر جهود جميع محبيه من الداخل والخارج، لإنهاء ما يمكن وصفه بأنه "حقبة سوداء" في تاريخ الحزب.