كتب :محمد أبوزيد
تغيرت الأحوال وتبدلت قواعد اللعبة، وحضرت المجاملات الرقيقة، والإشادات المتبادلة، وحضرت قاعدة المصالح بتتصالح، وغابت النار التي كانت تحت الرماد والضرب تحت الحزام وفوقه، في العلاقة بين أمبراطور الحديد أحمد عز وأمبراطور المقاولات هشام طلعت مصطفى، وذلك خلال اللقاء المفاجئ والمثير الذي عقده رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مع عدد من رجال الأعمال والمستثمرين قبل يومين للاستماع لرؤيتهم.
اللقاء الذي آثار ضجة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الظهور الأول لأحمد عز منذ خروجه من السجن بعد أحداث ثورة يناير، شهد حالة غريبة من الإطراء والإشادة بين عز وهشام طلعت مصطفى، وهي حالة غير مسبوقة حيث كان الرجلان دائما الصراع والمناكفة، وكانت بينهما حرب تكسير عظام قبل ثورة يناير
َوفي هذا التقرير نستعرض تفاصيل مثيرة عن علاقة أحمد عز وهشام طلعت مصطفى.
ملعقة ذهب
يتشابهان في كثير من الصفات؛ منها امتلاكهما من النفوذ والثروة ما ليس لغيرهما من رجال الدولة. فالاثنان كانا مقربين بشدة من مراكز صنع القرار. أحدهما أمين التنظيم في الحزب الوطني والصديق الأول لنجل الرئيس، جمال مبارك، أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني، والثاني عضو بلجنة السياسات ومقرب من جمال مبارك أيضًا ومن قرينة الرئيس بحكم علاقة الصداقة التي تربطها بوالدته.
وُلد الاثنان وفي فمهما ملعقة من ذهب؛ أحمد عز دخل مجال البزنس، خصوصًا صناعة الحديد خلفًا لوالده، وهشام طلعت مصطفى دخل سوق المقاولات والمعمار من بوابة والده أيضًا. يتمتع الاثنان بحصانة نيابية بجانب حصانة المليارات والنفوذ التي كانا يمتلكانها، كما أن مراحلهما العمرية متقاربة. كل هذه الصفات المتشابهة جعلت كل واحد منهما يشعر أنه سيكون عقبة في طريق الآخر.
بداية الحرب.. من نميمة الساحل إلى المواجهة
بدأت الحرب بينهما وانتقلت من جلسات النميمة في الساحل الشمالي إلى نميمة أخرى داخل أروقة البرلمان. استغل أحمد عز نفوذه داخل مجلس الشعب وسيطرته على نواب الحزب الوطني ليجبر بعضهم على تقديم طلبات إحاطة وبيانات عاجلة حول شركات الاستثمار العقاري ودورها في "تسقيع" أراضي الدولة، وكيف أن هذه الشركات اشترت آلاف الأفدنة بملاليم وباعتها بملايين. كان المقصود هنا هشام طلعت مصطفى ومشاريعه العقارية، مثل الرحاب ومدينتي.
وقف عز وراء حملات صحفية ضد هشام طلعت مصطفى، منها تسريب أخبار لبعض الصحفيين المقربين منه، مثل رئيس تحرير صحيفة أسبوعية لم تصدر بعد، حول الأسعار الحقيقية التي اشترى بها هشام أراضي الرحاب ومدينتي. نشر أحد الصحفيين مقالًا في صحيفة يومية، تساءل فيه: "هل دفع هشام طلعت مصطفى ثمن الأراضي التي اشتراها من الدولة، أم أنه اشتراها بنظام 'الشك'؟"
من جانبه، رد هشام بجمع أكثر من 20 ألف نسخة من الصحيفة من الأسواق، خاصة من الإسكندرية، موطنه الانتخابي.
صراع البرلمان والسياسات الاحتكارية
مع ارتفاع أسعار مواد البناء، خاصة الحديد الذي يسيطر أحمد عز على أكثر من 60% من إنتاجه، أثّر ذلك سلبًا على سوق العقارات. استغل هشام طلعت مصطفى موقعه كرئيس لجنة الإسكان في مجلس الشورى وبدأ يهاجم سياسة الاحتكار في صناعة مواد البناء، وخصّ الحديد في هجومه.
اتهم عز هشام بشكل غير مباشر بتأثيره السلبي على برنامج الرئيس الانتخابي لتوفير مساكن للشباب. في المقابل، أصر هشام على تغليظ عقوبة الاحتكار في البرلمان، ونجح في رفع الغرامة إلى 50 مليون جنيه أو 2% من المبيعات، أيهما أكثر. إلا أن مجلس الشعب، وبضغط من عز، رفض التعديل وجعل الغرامة 100 مليون جنيه فقط.
اشتعال الصراع
تصاعد الصراع بين الطرفين إلى مواجهة علنية، حيث أدلى أحمد عز بتصريحات مباشرة، منها أن مجموعة طلعت مصطفى تحقق عائدًا على المبيعات يصل إلى 70%، بينما تحقق شركاته 14% فقط، مشيرًا بذلك إلى أن ارتفاع أسعار العقارات سببه هشام.
في المقابل، أرسل هشام إنذارًا قانونيًا لعز، يتهمه فيه بنشر معلومات مغلوطة حول مجموعة طلعت مصطفى، وطالبه بتصحيحها لما ألحقته من أضرار بشركاته.
قضية مقتل سوزان تميم والصراع الجديد
نقل مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم الصراع إلى منطقة جديدة، حيث أشارت أصابع الاتهام إلى هشام طلعت مصطفى. انتشرت شائعات تتهم أحمد عز بالوقوف وراء نشر هذه الشائعات للإضرار بغريمه.