أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، عن سداد مصر لمبلغ 38.7 مليار دولار من ديونها خلال عام 2024. رقم ضخم لا شك فيه، إلا أن هناك تساؤلاً منطقياً يطرح نفسه: لماذا لم ينعكس هذا السداد بشكل مباشر على انخفاض الدين الخارجي بنفس القيمة؟ فبعد هذا السداد الكبير، لا تزال ديون مصر الخارجية تتجاوز 150 مليار دولار.
فجوة الأرقام: هل هناك خطأ حسابي أم تفسير آخر؟
لو أجرينا حساباً بسيطاً، فإن طرح مبلغ الـ 38.7 مليار دولار من إجمالي الدين الخارجي في نهاية عام 2023 والذي كان يقدر بـ 168 مليار دولار، نحصل على رقم نظري للدين الخارجي الحالي يقدر بحوالي 129.3 مليار دولار. إلا أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن الدين مازال أعلى من ذلك بكثير.
تفسير الفجوة
الجواب يكمن في مفهوم "خدمة الدين". فخدمة الدين تشمل ليس فقط قيمة القسط الأصلي للقرض، بل تشمل أيضاً الفوائد المتراكمة عليه. بعبارة أخرى، عندما تسدد مصر 38.7 مليار دولار، فإن جزءاً كبيراً من هذا المبلغ يذهب لسداد الفوائد المتراكمة على الديون القائمة، وجزء أصغر يذهب لسداد القسط الأصلي للدين.
هذا يعني أن مصر تدفع فوائد وخدمة ديون أكبر من أقساط الدين نفسها. وبهذا الشكل، تتراكم الفوائد على مر السنين، مما يؤدي إلى زيادة عبء الدين على الاقتصاد المصري، حتى لو تم سداد أجزاء كبيرة من القروض الأصلية.
توقعات أخرى.. ما الذي تخفيه الأرقام؟
أرقام السداد التي أعلن عنها الدكتور مدبولي تحمل فيطياتها العديد من التوقعات:
ضغوط على الميزانية العامة سداد مثل هذه المبالغ الضخمة يضع ضغوطاً كبيرة على الميزانية العامة للدولة، مما قد يؤثر على الإنفاق على الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.
الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل للحد من الاعتماد على الاقتراض الخارجي، يجب على مصر العمل على تنويع مصادر الدخل، وتعزيز النمو الاقتصادي، وزيادة الصادرات.
* أهمية الشفافية: يجب على الحكومة المصرية أن تكون أكثر شفافية في تقديم البيانات المتعلقة بالدين العام، وأن تقوم بنشر تقارير دورية تفصيلية حول هيكل الدين وخدمته.
سداد مصر لمبلغ 38.7 مليار دولار هو إنجاز كبير، إلا أنه يجب تفسيره في سياق أوسع. فمشكلة الدين الخارجي هي مشكلة معقدة تتطلب حلولاً هيكلية على المدى الطويل. يجب على الحكومة المصرية أن تستمر في جهودها لخفض الدين الخارجي، ولكن يجب عليها أيضاً أن تعمل على معالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلة، مثل ضعف النمو الاقتصادي، وارتفاع عجز الموازنة، وتدني مستوى الاستثمار، واللجوء لصندوق النقد بشكل دائَم