ملك العود
في مثل هذا اليوم، 26 ديسمبر 1974، تمر ذكرى وفاة الفنان الكبير فريد فهد فرحان الأطرش، الذي عرف بلقب "ملك العود"، واشتهر بكونه رمزًا من رموز الموسيقى والطرب في العالم العربي. امتدت مسيرته الفنية إلى مجالات عدة، حيث أبدع كمطرب وممثل وشغل الجمهور بقصص حياته الفنية والشخصية التي لا تزال حاضرة في أذهان محبيه.
فريد الأطرش.. نشأة بين العراقة والنضال
وُلد فريد الأطرش في بلدة القريا بجبل الدروز، سوريا، لأسرة تنتمي إلى آل الأطرش، وهي من العائلات العريقة في جبل العرب. والدته، الأميرة علياء المنذر، ووالده فهد الأطرش، كانا رمزين للنضال ضد الاستعمار الفرنسي، ما اضطر العائلة للفرار إلى القاهرة بعد ملاحقة الفرنسيين لهم.
نشأ فريد في بيئة مليئة بالتحديات، حيث عاش مع والدته وشقيقيه فؤاد وأسمهان. التحق بإحدى المدارس الفرنسية في القاهرة، ورغم الأوضاع المالية الصعبة، حافظت والدته على تعليمه حتى التحق بـمعهد الموسيقى العربي. لم تكن الحياة سهلة، فقد عمل فريد في بيع القماش وتوزيع الإعلانات لدعم أسرته ماديًا، إلى أن بدأت رحلته الموسيقية الحقيقية.
البدايات الفنية.. من العود إلى الشهرة
كانت البداية الفنية لفريد الأطرش من خلال لقاءه بالموسيقار فريد غصن والمطرب إبراهيم حمودة، حيث انضم إلى فرقة الأخير كعازف عود. تدريجيًا، بدأت ملامح موهبته تظهر بشكل جلي، ليصبح لاحقًا أحد أعمدة الموسيقى العربية.
تميز الأطرش بصوته العذب وألحانه الفريدة التي أسرت قلوب الجماهير، إذ جمع بين الأصالة والتجديد في أعماله، ليصبح واحدًا من أهم رموز الطرب الأصيل.
مسيرة سينمائية ناجحة
شارك فريد الأطرش في 31 فيلمًا سينمائيًا، كان بطلها جميعًا. امتدت مسيرته السينمائية من عام 1941 إلى 1947، وقدمت هذه الأفلام مزيجًا من الدراما والرومانسية والغناء، مما ساهم في تعزيز مكانته الفنية.
أشهر أفلامه: حبيب العمر، حكاية العمر كله، أنت حبيبي، رسالة من امرأة مجهولة.
وكان فريد يختار قصص أفلامه بعناية شديدة، مما ساعد على نجاحها وتعلق الجمهور بها، إلى جانب ألحانه وأغانيه التي أصبحت جزءًا من تراث الموسيقى العربية.
الحياة الشخصية.. حكايات لم تنتهِ
شغلت حياة فريد الأطرش الشخصية الوسط الفني والجمهور، خاصة قصص الحب التي نسجت حوله، أبرزها علاقته بالفنانة سامية جمال. ورغم الشائعات الكثيرة عن قصة حبهما، إلا أن فريد كان مصرًا على عدم الزواج، ما جعل هذه القصة تظل لغزًا حتى بعد زواج سامية جمال من الفنان رشدي أباظة.
كما تأثرت حياة الأطرش الشخصية بوفاة شقيقته المطربة أسمهان في حادث غامض، الذي ترك أثرًا عميقًا في نفسه، وأدى إلى تعرضه لاحقًا لأزمات صحية متكررة.
أواخر حياته.. العمل حتى اللحظة الأخيرة
تعرض فريد الأطرش لعدة أزمات صحية خلال مسيرته، أبرزها إصابته بذبحة صدرية، ورغم ذلك لم يتوقف عن العمل، واعتبر الفن هو العلاج. طلب منه الأطباء الراحة بسبب حالته الصحية، لكنه استمر في العطاء الفني حتى وفاته.
توفي في 26 ديسمبر 1974 عن عمر ناهز 64 عامًا في مستشفى الحايك ببيروت إثر أزمة قلبية، تاركًا إرثًا فنيًا خالدًا يشهد على عبقريته الموسيقية والفنية.
يبقى فريد الأطرش علامة فارقة في عالم الموسيقى العربية، إذ أثرى المكتبة الموسيقية بألحانه وأغانيه التي لا تزال تُردد حتى اليوم. كما ساهمت أفلامه في ترسيخ مكانته كأحد عمالقة الفن في الوطن العربي.