في خطوة تحمل دلالات رمزية ودينية عميقة، كشفت مصادر مطلعة في "حزب الله" أن قيادة الحزب حددت موقع دفن جثمان الأمين العام الراحل حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل بضربة جوية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في سبتمبر الماضي. الموقع المختار هو قطعة أرض تقع على الطريق القديمة المؤدية إلى مطار رفيق الحريري الدولي، حيث يُخطط لجعلها مزاراً دينياً يضاف إلى قائمة المزارات الشيعية البارزة في المنطقة.
مكانة حسن نصر الله في لبنان
لطالما شكّل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، شخصية محورية في الساحة اللبنانية والإقليمية. احتل مكانة استثنائية بين أنصاره، حيث عُرف بخطاباته النارية وقدرته على إدارة الصراعات ضد إسرائيل، مما أكسبه تأييداً واسعاً داخل الطائفة الشيعية وخارجها. اغتياله شكّل صدمة كبرى لأنصاره وأثار موجة من الحزن والغضب.
إلى جانب دوره السياسي والعسكري، ارتبط اسم نصر الله بتمثيل قيم المقاومة والصمود، مما جعله رمزاً دينياً وسياسياً لدى الكثيرين. قرار تحويل قبره إلى مزار ديني يعكس مكانته، ويؤكد استمرار تأثيره حتى بعد وفاته.
عملية الاغتيال وتداعياتها
في سبتمبر الماضي، استهدفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت بضربة جوية دقيقة أودت بحياة نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين. العملية أثارت ردود فعل واسعة النطاق داخل لبنان وخارجه، حيث اتهم "حزب الله" تل أبيب بالوقوف وراء الهجوم.
المصادر المقربة من الحزب أكدت أن التحقيق في الهجوم لا يزال جارياً، مع التركيز على تحديد كيفية تمكن إسرائيل من اختراق منظومة الاتصالات الخاصة بالحزب، ما يثير تساؤلات حول الأجهزة المستخدمة والتقنيات التي استُخدمت في الاغتيال.
اختيار الموقع القريب من مطار رفيق الحريري الدولي يعكس رؤية الحزب لجعل قبر نصر الله مكاناً رمزياً يسهل الوصول إليه، ليصبح مزاراً دينياً يجذب الآلاف من الزوار سنوياً. هذا النهج ليس جديداً في السياق الشيعي، إذ تُعتبر قبور القادة الدينيين والسياسيين مراكز جذب روحي وسياسي.
أشهر الشخصيات الدينية التي تحولت قبورها لمزارات دينية
تحوّل قبور القادة الشيعة إلى مزارات دينية يعكس تقليداً عريقاً في المذهب الشيعي. من أبرز الأمثلة، قبر الإمام موسى الصدر في لبنان، وقبر الإمام الخميني في إيران. هذه المواقع لم تقتصر على كونها أماكن للزيارة، بل أصبحت مراكز للأنشطة الدينية والسياسية، تُستخدم لتعزيز الهوية الجماعية وتوحيد الأنصار.
إضافة إلى ذلك، تُعد هذه المزارات جزءاً من استراتيجية رمزية تهدف إلى تخليد ذكرى القادة وتعزيز إرثهم في أذهان الأجيال المقبلة.
تشييع مشترك واستعدادات واسعة
وفقاً للمصادر، تجري الاستعدادات لتشييع جثماني حسن نصر الله وهاشم صفي الدين في مراسم شعبية ضخمة. من المتوقع أن يُدفن صفي الدين في بلدته دير قانون في قضاء صور، وفقاً لوصيته الشخصية.
التحديات المقبلة لحزب الله
اغتيال نصر الله ترك فراغاً كبيراً في قيادة الحزب، مما يدفعه الآن لإجراء تقييم شامل للمرحلة السابقة ووضع استراتيجية جديدة للتعامل مع التحديات المستقبلية. الأولويات الحالية تشمل التحقيق في عملية الاغتيال، تقييم الخسائر البشرية، والاستعداد لمواجهة أي تصعيد إسرائيلي محتمل.
رمز المقاومة يتحول إلى إرث خالد
تحويل قبر حسن نصر الله إلى مزار ديني يعكس أهمية دوره في تشكيل هوية المقاومة اللبنانية. وبينما تحاول قيادة "حزب الله" الحفاظ على إرثه، يبقى السؤال: هل يستطيع الحزب تجاوز تداعيات اغتياله ومواصلة دوره كأحد أبرز اللاعبين على الساحة الإقليمية؟