أثار تعليق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد ضجة كبيرة، خاصة في ظل التاريخ الطويل والمتقلب للعلاقات بين الطرفين. وصف مراقبون موقف حماس بالمفاجئ، حيث جاء الترحيب بسقوط النظام السوري بعد سنوات من إعادة العلاقات بين الحركة ودمشق، مما يطرح تساؤلات عديدة حول دوافع هذا الموقف في هذا التوقيت الحساس.
خلفيات العلاقات بين حماس ونظام الأسد
كانت دمشق لسنوات طويلة حاضنة سياسية وعسكرية لحركة حماس، حيث وفرت القيادة السورية مقار ومكاتب لقادة الحركة، وفتحت المجال لدعمها سياسيًا ولوجستيًا. ووصلت العلاقات إلى ذروتها خلال العقد الأول من الألفية الثانية، إذ كان النظام السوري يرى في دعم حماس ورقة قوة لمواجهة إسرائيل وتعزيز نفوذه في المنطقة.
ولكن، مع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، بدأت الخلافات تظهر للسطح. أعلنت حماس، التي كانت حينها تتمتع بشعبية واسعة في العالم العربي، موقفًا مؤيدًا للثورة السورية، ما أثار غضب النظام السوري الذي اعتبره طعنة في الظهر. وأدى ذلك إلى قطيعة حادة بين الطرفين، نتج عنها مغادرة قيادات حماس للأراضي السورية.
محاولات إعادة العلاقات
بعد سنوات من الجمود والقطيعة، بدأت محاولات إعادة المياه إلى مجاريها بين حماس ودمشق. جاء ذلك في سياق المتغيرات الإقليمية، خاصة مع تقارب حماس مع إيران وحزب الله، الحليفين الرئيسيين للنظام السوري. وبعد جهود وساطة مكثفة، أُعيدت العلاقات تدريجيًا، وظهرت مظاهر تطبيعها بشكل أكبر خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع أحداث "طوفان الأقصى" التي جمعت الفصائل الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
تعليق حماس: مفاجأة في توقيت حساس
جاء تعليق حماس الأخير حول سقوط نظام الأسد ليكون صادمًا ومثيرًا للجدل، حيث رحبت الحركة بشكل غير مباشر بانهيار النظام السوري. هذا الموقف أثار استغراب المراقبين، الذين تساءلوا عن أسباب اتخاذ حماس هذا المنحى بعد سنوات من إعادة بناء العلاقات مع دمشق.
يُرجح بعض المحللين أن تعليق حماس قد يكون مرتبطًا بحسابات سياسية داخلية وإقليمية، وربما رسالة إلى القوى الدولية بأنها ما زالت حركة مقاومة مستقلة، وغير مرتبطة تمامًا بمحور إيران-سوريا.
أسئلة المستقبل
يثير موقف حماس العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقات بينها وبين النظام السوري في حال سقوطه فعلاً. فهل كانت هذه العلاقات مجرد تحالف مؤقت فرضته الضرورات، أم أن تعليق الحركة يشير إلى توجه جديد في سياستها الخارجية؟
كما يفتح هذا الموقف الباب أمام تساؤلات حول تأثيره على علاقتها مع إيران وحزب الله، اللذين يشكلان داعمين رئيسيين للنظام السوري وحلفاء تقليديين لحماس.
في النهاية، يبقى تعليق حماس على سقوط الأسد نقطة تحول مثيرة في مسار العلاقات المعقدة بين الطرفين، وسيكون له تداعيات كبيرة على خريطة التحالفات الإقليمية في المستقبل القريب.