في ركن المخطوطات بجناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، تتجلى شهادة نادرة على مكانة أحد أعظم علماء الأزهر وفلاسفته، الشيخ طنطاوي جوهري، حيث تُعرض وثيقة ملكية نادرة من ملك العراق، يشيد فيها بكتابه عن السلام العالمي، وجاء فيها:
"حضرة الأستاذ الفاضل الشيخ طنطاوي جوهري، إن مؤلفكم "أحلام في السياسة وكيف يتحقق السلام العام" قد وقع من نفسه موقع التقدير."
العالم والمناضل الوطني
لم يكن الشيخ طنطاوي جوهري مجرد عالم أزهري، بل كان فيلسوفًا موسوعيًا، كتب في تفسير القرآن، والفلسفة، والموسيقى، والأدب، والسلام، كما كان مناضلًا وطنيًا ضد الاستعمار البريطاني، فقد نشأ في قرية عوض الله حجازي بمحافظة الشرقية، والتحق بالأزهر عام 1877م، ثم عاد إلى قريته، حيث اندمج مع الطبيعة، مما ألهمه البحث في وجود الله والتأمل في الكون.
انخرط الشيخ في العمل الاجتماعي، فأسس جماعة الأخوة الإسلامية، لدعم الطلاب الوافدين إلى مصر، كما نشط في مقاومة الاستعمار، حيث كتب مقالات تحريضية ضد الاحتلال الإنجليزي، ما دفع الزعيم مصطفى كامل لطلب لقائه، وعند مقابلته، قال عنه كلمته الشهيرة: "بمثلك ترقى الأمة!"ومن هنا لُقّب بـ "حكيم الإسلام".
إرث فكري يتجاوز الحدود
لم تقتصر جهود الشيخ على مصر، بل وصل تأثيره إلى بلاد الملايو وسنغافورة، حيث استنهض همم المسلمين لإحياء العلوم الدينية، وبعد استقلال هذه الدول، أطلقوا اسمه على جامعات ومدارس تخليدًا لإرثه.
مناضل السلام المرشح لجائزة نوبل
كرّس الشيخ حياته لتقديم رؤية إسلامية للسلام العالمي، مستمدة من مفاهيم القرآن، وقدم نظريته في كتابيه:
"أين الإنسان؟": رواية فلسفية سياسية تناقش آراء كبار الفلاسفة مثل الفارابي وابن طفيل وتوماس مور.
"أحلام في السياسة وكيف يتحقق السلام العام": الذي حاز على تقدير ملوك العالم.
نتيجة لهذه الجهود.
رُشح الشيخ طنطاوي جوهري لجائزة نوبل للسلام، حيث قدّم العالم الكبير د. مصطفى مشرفة أوراق ترشيحه إلى البرلمان النرويجي، لكن القدر لم يمهله لتحقيق هذا الشرف، حيث وافته المنية قبل إعلان الفائزين.
إرثٌ يتجدد
يشارك الأزهر الشريف في معرض القاهرة الدولي للكتاب، للعام التاسع على التوالي، في قاعة التراث رقم 4، على مساحة ألف متر مربع، تشمل ركن الفتوى، والخط العربي، وقاعة الندوات، وركن المخطوطات، حيث يُعرض إرث العلماء العظماء مثل طنطاوي جوهري، لتبقى أفكارهم حية في الذاكرة الإسلامية والعالمية.