د. هاني أبوالفتوح
في تصريحات خلال الاحتفال بعيد الشرطة، أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أن التحدي الذي تواجهه الدولة ليس في المعركة ضد الدولار، بل في نقصه، معتبرًا أن الحل يكمن في تقليل فاتورة الاستيراد وزيادة الإنتاج المحلي.
كما رحب الرئيس بمقترحات وحلول الخبراء والمفكرين الذين يقدمون رؤى اقتصادية يمكن أن تسهم في حل الأزمة.
هذه التصريحات تسلط الضوء على المسار الاستراتيجي الذي تتبعه الدولة لمواجهة نقص العملة الصعبة، وتطرح تساؤلات حول جدوى الحلول الاقتصادية المقترحة ومدى قدرتها على التأثير الفعلي في تحسين الوضع المالي والاقتصادي للبلاد.
توضيح أصل الأزمة
تحدثنا مع أهل الاختصاص حول رؤية الرئيس وكيف يمكن أن نصل إلى معادلة تصفير الفرق بين طلبنا على الدولار وإنفاق الدولار، فكان لنا حديث مع الدكتور هاني أبوالفتوح الخبير الاقتصادي البارز، ليضع لنا روشتة يمكن من خلالها تحقيق رؤية القيادة السياسية.
في البداية أكد الدكتور هاني أبوالفتوح، أن تصريحات الرئيس تلخص بدقة جوهر التحدي الاقتصادي الذي تواجهه مصر، فالصراع ليس مع العملة الأمريكية في حد ذاتها، بل مع محدودية توافرها في السوق المحلية، مشيرًا أن هذا النقص الحاد يؤدي إلى سلسلة من المشكلات الاقتصادية المتشابكة، أبرزها ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري.
وأضاف الخبير الاقتصادي لـ "المصير"، أنه عندما يقل المعروض من الدولار ويزداد الطلب عليه، يصبح الحصول عليه أكثر تكلفة، ما ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع المستوردة، التي بدورها تؤثر على تكلفة الإنتاج المحلي الذي يعتمد بشكل كبير على مدخلات من الخارج، مؤكدًا أن هذا الارتفاع المستمر في الأسعار يضع ضغوطاً كبيرة على المواطنين ويزيد من التضخم.
الضغط على الاحتياطي النقدي
وتابع: بالإضافة إلى ذلك، يضع نقص الدولار ضغوطاً هائلة على الاحتياطي النقدي للبلاد، حيث تسعى الدولة جاهدة لتوفير العملة الصعبة لتلبية الاحتياجات الأساسية وسداد الالتزامات الخارجية، ما يقلل من قدرتها على المناورة في مواجهة الأزمات الاقتصادية. كما يؤدي هذا النقص إلى صعوبة استيراد السلع والمواد الخام الضرورية للصناعة والإنتاج، ما يعيق النمو الاقتصادي ويؤثر سلباً على توفر السلع في الأسواق.
تصفير الفرق بين الطلب والإنفاق
وأوضح "أبوالفتوح"، أن الهدف الاستراتيجي الذي وضعته الدولة والمتمثل في "تصفير الفرق بين طلبنا على الدولار وإنفاق الدولار" يعكس إدراكاً واضحاً لأهمية تحقيق التوازن بين الموارد والاستخدامات من العملة الصعبة.
واستطرد، أن هذا الهدف الطموح يتطلب تبني استراتيجية شاملة ومتكاملة تتضمن عدة محاور رئيسية، كالتالي:
روشتة لحل أزمة الدولار
1- زيادة الصادرات المصرية، وذلك من خلال تحسين جودة المنتجات وتنافسيتها في الأسواق العالمية.
2- تسهيل الإجراءات التصديرية وتشجيع المصدرين.
3- العمل بجدية على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، وذلك من خلال تهيئة مناخ استثماري جاذب.
4- تحسين بيئة الأعمال، وتوفير حوافز مشجعة للمستثمرين الأجانب.
5- ترشيد الاستيراد، خاصةً السلع الكمالية التي لها بدائل محلية.
6- تشجيع المنتج المحلي كبديل مستدام.
7- يمثل قطاع السياحة مصدراً حيوياً للعملة الصعبة، لذا يجب بذل جهود مكثفة لتنميته وتنشيطه، من خلال تحسين البنية التحتية السياحية.
8- تنويع المنتج السياحي، والترويج لمصر كوجهة سياحية جاذبة.
9- تشجيع تحويلات المصريين العاملين بالخارج عبر القنوات الرسمية، من خلال تقديم حوافز وتسهيلات لهم، ما يساهم في زيادة تدفقات الدولار إلى البلاد.
10- مكافحة تهريب العملة والتلاعب في السوق السوداء، من خلال تشديد الرقابة وتطبيق القانون بحزم.
المعركة ليست ضد الدولار ولكن ضد نقصه
واختتم د. أبوالفتوح، مؤكدًا على أن المعركة الحقيقية التي تخوضها مصر هي بالفعل ضد نقص الدولار، وليس ضد العملة نفسها، وحل هذه المشكلة يتطلب رؤية شاملة وتضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من حكومة وقطاع خاص ومجتمع مدني، من أجل زيادة الموارد الدولارية وترشيد استخداماتها، ما يساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وأضاف: كما يجب أن يسود وعي مجتمعي بأهمية دعم المنتج المحلي وترشيد الاستهلاك من المنتجات المستوردة، كجزء لا يتجزأ من الحل الشامل لهذه الأزمة.