سيد أبوزيد يكتب :
الإصطفاف أمر ضرورى لأن القادم خطير لمنطقتنا، ومضى عام قديم، ودخل عام جديد وفى اول شهوره يوم ٢٠ يناير تم تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية .
ولعلنا نتذكر أنه فى أولى ساعات صباح بوم السبت 7 اكتوبر2023 اعلن الذراع العسكرى لحماس بداية عملية طوفان الاقصى رداً على الإنتهاكات الإسرائيلية المستمرة فى باحات المسجد الأقصى وإعتداء المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطنيين فى القدس والضفة والداخل المحتل، وفى 9 اكتوبر٢٠٢٣ أعلن وزير الدفاع الصهيونى بدء حصار شامل على غزة بما فى ذلك حظر دخول الغذاء والوقود والدواء، وقام الجيش الصهيونى بتدمير كامل لقطاع غزة، وقتل عشرات الآلاف من شعبها أغلبهم من الأطفال والنساء لإبادة الشعب الفلسطينى، وغارات دائمة بكافة أنواع الصواريخ والقنابل بأحدث ما أنتجته ترسانة السلاح الأمريكى والبريطانى والفرنسى والألمانى، وتعمد الكيان الصهيونى إطالة أمد العدوان، ولكن بعد مرور أكثر من ٤٧١ يوم لم تستطيع إسرائيل تحقيق أيا من أهدافها فى عدوانها على غزة نظراً لصمود المقاومة الفلسطينية، وإستمرار القتال كان فيه ضرر اكبر على إسرائيل وتفككها داخلياً، فاضطرت امريكا إلى إجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار للحفاظ على إسرائيل، ولكن إسرائيل دولة لا تحتفظ على عهد أو تلتزم بانفاق، وبعد تنفيذ المرحلة الأولى من إتفاقية وقف إطلاق النار سوف تعود إلى طبيعتها الإجرامية وستواصل عدوانها .
وذلك لأن القوى الصهيوأمريكية تجد أن الفرصة الآن مواتية لتنفيذ مخططات التقسيم خاصة فى ظل حالة الضعف العربى الحالى، لتنفيذ مخطط الشرق الاوسط الجديد الخاضع للهيمنة الصهيوأمريكية، وإحياء إتفاقية 'سيكس بيكو" والتى من خلالها تقاسمت فرنسا وبريطانيا إرث الدولة العثمانية عقب الحرب العالمية الاولى، ثم تبنتها الولايات المتحدة الاأمريكية بحكم كونها الوريث للإستعمار .
وتعود مخططات التقسيم إلى ما يقرب من مائة عام مضت وتحديداً عام 1916 حيث قررت كلا من بريطانيا وفرنسا تقسيم إرث الدولة العثمانية عقب إنتهاء الحرب العالمية الأولى والتى أدت إلى تغيير معالم دول الهلال الخصيب وظهور دولة الكيان الصهيونى، أما ثانى محاولات التقسيم والتدخل فكانت فى عام 1957 حين أعلن الرئيس الامريكى إيزنهاور مبدأ للتدخل عُرف "بميدأ إيزنهاور" والذى يقضى بأحقية الولايات المتحدة الأمريكية فى التدخل لصالح اى دولة فى الشرق الأوسط تعانى من تهديدات المعسكر الشيوعى، وإستكمالاً لمخطط الشرق الاوسط الكبير بداية من الثمانينات وعقب تفتيت الإتحاد السوفيتى دعمت الإدارة الامريكية وقتها برنارد لويس لوضع مخطط يهدف إلى تقسيم الدول العربية إلى دويلات وأقاليم على خلفيات دينية وعرقية وتدعيم النزعة الطائفية لدى الأقليات فى سائر دول الوطن العربى والاسلامى .
ووضعت المخابرات الصهيوأمريكية لكل دولة فى الشرق الاوسط خريطة تفتيت وتقسيم، وبلورت الولايات المتحدة إستراتجيتها تجاه الشرق الأوسط وفق مخطط برنارد لويس الذى عرضه فى الكونجرس رسمياً فى الثمانينات عن تقسيم كل دول الشرق الأوسط، وهذا ما حدث فعلا عقب ما سمى ثورات الربيع العربى سواء فى السودان او ليبيا او اليمن او لبنان او سوريا او العراق ، ويقوم مخططه على إذا أردت السيطرة على العالم سيطر أولا على الشرق الأوسط لتمتعه بموقع جغرافى يتوسط العالم وما يحتويه من موارد للطاقة فهى أكبر منطقة بها إحتياطيات نفط فى العالم ووجود أهم ممرات ملاحية .
وتمثلت خطة التقسيم لمصر على ثلاث إستراتيجيات أولها شد الأطراف عن طريق فصل المناطق الحدودية وثانيها توسع إسرائيل على حساب الحدود المصرية وثالثها إستبدال القيادة الوطنية بأخرى موالية لهم، وحاولت أمريكا استخدام مبدأ ايزنهاور فى عام 1957 بعزل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ولكن فشلوا وتحول جمال عبدالناصر لزعيم وطنى محبوب على مستوى الوطن العربى، ولم تجد من وسيلة سوى عدوان إسرائيل الغادر فى 5 يونيو1967، وبدا المخطط الصهيوأمريكى فى تبنى ورعاية المنظمات الاسلامية الارهابية التى تكفر الحكام الوطنيين، أما السودان فقد تحققت رؤية برنارد لويس فى تقسيمها حيث إنفصل جنوبه عام 2011 بعد إستفتاء شعبى ومازال إقليم دارفور يسعى للإنفصال، أما العراق وبعد الغزو الأمريكى عام 2003 أصدر الحاكم المدنى بول بريمر قراراً بحل الجيش الوطنى العراقى لتتخلص الإدارة الأمريكية من أحد أهم جيش لدولة عربية، وبدأوا فى تقسيم العراق على أساس مذهبى، أما سوريا فمخطط تقسيمها الى أربعة دويلات على أساس دينى ومذهبى، وما حدث فى سوريا مؤخراً دليل على إستمرار مخططات التقسيم، حيث نجحت المخابرات التركية والأمريكية والإسرائيلية فى إختراق قيادات المؤسسة العسكرية السورية وعزل بشار الأسد عن جيشه وشعبه مما جعله يهرب من سوريا تاركا الجيش والشعب يواجه مصيره وحده .
ويتوقع محللون أن إسرائيل ستستغل الوضع فى الشرق الاوسط لتزيد توسعها سواء ضم الضفة وغزة والجولان فى سوريا خاصة بعد تنصيب ترامب الذى أعلن أن هذا من حق إسرائيل لأنها دولة صغيرة، ونجح المخطط الصهيوأمريكى فى أغلبية بلاد الشرق الاوسط بإستثناء مصر لذا يجب علينا ان نصطف معاً للمحافظة على بلدنا فمصرنا الغالية مستهدفة فى الفترة القادمة .