أثارت مزاعم جديدة حول وجود علاقة بين أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، والمخابرات البريطانية جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام. الوثيقتان اللتان نُسب الكشف عنهما إلى الإعلامي السوري نزار نيوف تدّعيان تعاونًا وثيقًا بين أسماء وجهازي الاستخبارات البريطانيين "MI5" و"MI6"، مما يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة عن صدقية هذه المزاعم وأهدافها.
وثائق مثيرة للجدل
الوثيقة الأولى، المؤرخة في 14 ديسمبر 1992، تزعم أن إليزا ماننغهام-بولر، التي كانت مسؤولة في جهاز "MI5"، حضرت غداءً خاصًا مع أسماء الأسد وعائلتها، بما في ذلك بشار الأسد ووالدتها سحر العطري، في لندن. اللافت أن التقرير يشير إلى أن اللقاء جرى وسط إجراءات أمنية مشددة وبحضور شخصيات بريطانية بارزة. كما تشير الوثيقة إلى مشاركة ماننغهام-بولر في عشاء آخر بمنزل والد أسماء، الدكتور فواز الأخرس، بحضور شخصيات استخباراتية مثل رايموند أسكويث، الضابط السابق في "MI6".
الوثيقة الثانية، التي يُزعم أنها تقرير قُدم من رئيس الاستخبارات السورية علي دوبا إلى حافظ الأسد عام 1998، تعطي دورًا أكبر لماننغهام-بولر، مشيرة إلى أنها كانت "راعية" لأسماء وساهمت في حصولها على وظيفة مرموقة في "بنك جي بي مورغان" بلندن. الوثيقة تزعم أيضًا أن وظيفتها كانت ذات طابع استخباراتي، حيث كُلفت بجمع معلومات عن الاستثمارات الآسيوية.
تحليل ودحض المزاعم
رغم ما ورد في الوثيقتين، فإن هناك العديد من الثغرات التي تثير الشكوك حول صدقيتهما:
1. أخطاء في التواريخ والمعلومات: تشير تقارير خبراء إلى أن الوثيقة الأولى طُبعت بخط يُدعى "كوكب مونو" لم يدخل الخدمة حتى عام 2015، مما يجعل من المستحيل أن تكون أصلية.
2. غياب السياق السياسي: في الفترة التي تتحدث عنها الوثائق، لم يكن بشار الأسد شخصية سياسية بارزة، حيث كان شقيقه باسل هو الوريث المفترض.
3. تفاصيل مبالغ فيها: الادعاء بأن مسؤولين رفيعي المستوى في الاستخبارات البريطانية تعاونوا لتجنيد أسماء يبدو غير منطقي، خاصة بالنظر إلى الأهمية المحدودة لبشار في ذلك الوقت.
السياق السياسي والدوافع المحتملة
إثارة مثل هذه المزاعم قد تكون محاولة لتشويه سمعة أسماء الأسد أو النظام السوري بشكل عام. كما أن نشر هذه الوثائق يأتي في توقيت حساس يتزامن مع تغييرات سياسية في المنطقة، مما يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء الكشف عنها.
سواء كانت الوثيقتان حقيقيتين أم لا، فإن المزاعم بشأن تورط أسماء الأسد مع المخابرات البريطانية تظل محل شك كبير. بينما قد تكون هذه القصة مجرد حلقة جديدة في سلسلة من نظريات المؤامرة التي تستهدف النظام السوري، تبقى الحقيقة غامضة وسط كمّ هائل من التضليل والمعلومات المتضاربة.