كشف عميلان للموساد عن تفاصيل مذهلة ومروعة بشأن تفجيرات أجهزة البيجر التي تمت في لبنان قبل عدة شهور وأدت لاستشهاد العشرات من عناصر حزب الله وإصابة الآلاف.
وكشفا العميلان أن أجهزة البيجر تم تفخيخها قبل عقد من الزمان وأنها ظلت خاملة خلال تلك الفترة.
جاءت هذه التفاصيل في مقابلة خاصة مع برنامج "60 دقيقة" على شبكة "سي بي إس" الأميركية، حيث ظهر اثنان من عملاء الموساد السابقين تحت أسماء مستعارة، وهما "مايكل" و"غابرييل"، ليكشفا النقاب عن خفايا العملية التي ألحقت خسائر فادحة بالحزب.
خطة محكمة وشركات وهمية
بدأت العملية بتطوير الموساد لشبكة عالمية من الشركات الوهمية، بهدف توزيع أجهزة النداء الآلي (البيجر) التي تحتوي على متفجرات دقيقة في بطارياتها. أوضح "مايكل" قائلًا: "أنشأنا عالمًا متخيلًا بالكامل. نحن المخرجون والمنتجون والممثلون، والعالم هو المسرح".
واستهدفت العملية استدراج حزب الله لشراء هذه الأجهزة، حيث تم بيع أكثر من 16 ألف جهاز بأسعار مغرية. تم تأسيس شركة وهمية في هنغاريا لإدارة العمليات، والتي بدورها تعاونت مع شركة "غولد أبولو" التايوانية لتأمين الأجهزة. بل وتم استغلال بائعة الشركة لتسويق الأجهزة المتطورة على أنها أدوات اتصال آمنة وقوية.
اختبارات دقيقة وأهداف محددة
كشف "غابرييل" عن مدى دقة التخطيط للعملية، حيث أجريت تجارب مكثفة باستخدام الدمى لضمان أن التفجيرات تستهدف فقط العناصر المراد ضربها دون المساس بالأبرياء. وأضاف: "اختبرنا كل شيء أكثر من مرة لضمان نجاح العملية"، حتى أن الفريق قام بتجريب نغمات رنين مختلفة لتحسين الأداء.
كما أوضح العميلان أن الموساد واجه تحديات في إقناع حزب الله بفعالية الأجهزة، لكن باستخدام إعلانات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب، استطاعوا تضليل الحزب وإقناعه بمتانة الأجهزة.
النهاية الكارثية
في سبتمبر الماضي، انفجرت أجهزة البيجر وأجهزة اتصال لاسلكية أخرى بشكل متزامن في مواقع عدة، ما أسفر عن مقتل 39 عنصرًا وإصابة الآلاف من أعضاء حزب الله. كانت العملية بمثابة ضربة موجعة للحزب، حيث اعترفت إسرائيل لاحقًا بمسؤوليتها عنها، مؤكدة أنها نجحت في اختراق إحدى أهم أدوات الحزب للاتصال.
"البيجر الموقوت" ودوره في تغيير قواعد اللعبة
أظهرت هذه العملية كيف استطاع الموساد تحويل أداة اتصال يومية إلى قنبلة موقوتة، معتمدًا على التخطيط طويل المدى والابتكار التقني. كما كشفت العملية عن ضعف الحزب في اكتشاف الأساليب الاستخباراتية المتطورة، مما يطرح تساؤلات حول قدرته على مواجهة مثل هذه التحديات في المستقبل.
هل يستطيع حزب الله تعويض خسائره وتحسين منظومته الأمنية، أم أن الموساد سيواصل تسجيل نجاحات جديدة في حربه الاستخباراتية؟ هذا السؤال يبقى مفتوحًا في ظل المعركة المستمرة بين الطرفين.