في تحوّل خطير للأحداث في سوريا، كشف رئيس الأركان العامة الروسية، فاليري غيراسيموف، عن السبب الحقيقي وراء انهيار الجيش السوري أمام هجوم المعارضة المسلحة، مشيرًا إلى تأثير العقوبات الأمريكية، في الوقت الذي شهدت فيه المنطقة الجنوبية من سوريا توغلاً إسرائيليًا جديدًا يُنذر بتعقيد إضافي للوضع الميداني والسياسي.
انهيار الجيش السوري: العقوبات الأمريكية في دائرة الاتهام
في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر صحفي في موسكو، أكد غيراسيموف أن الهجوم الذي شنّته الفصائل المعارضة من منطقة خفض التصعيد في إدلب يوم 27 نوفمبر الماضي كشف عن ضعف الجيش السوري، الذي عجز عن تقديم مقاومة فعّالة.
وقال غيراسيموف: "قلة التدريب المنتظم وتدني الروح المعنوية للجنود كانت نتيجة مباشرة للأزمة الاقتصادية الممتدة التي سببها الحصار الأمريكي غير المسبوق. هذه العقوبات أثّرت بشكل جوهري على قدرة الجيش السوري على الصمود".
وأضاف غيراسيموف أن "الانهيار الفعلي لكيان الدولة السورية كان العامل الأكثر أهمية في الوضع الراهن"، مشيرًا إلى أن محاولات روسيا لتحقيق تسوية سلمية عبر صيغة أستانا لم تلق قبولاً لدى الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين كانتا تسعيان لإبقاء المنطقة في حالة اضطراب.
التوغل الإسرائيلي: خطوة جديدة نحو السيطرة
في الجنوب السوري، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات الإسرائيلية توغلت بعمق 9 كيلومترات داخل ريف درعا، حيث دخلت قرية "كويا" وسد الوحدة التاريخي بالقرب من الحدود السورية-الأردنية.، ومعروف أن درعا معقل الثورة السورية ضد نظام الأسد والتي بدأت قبل 12 عاما من هناك
المثير أنه رغم قيام إسرائيل بأكثر من 500 غارة ضد سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد، وتدميرها لكل أنواع السلاح التي يمتلكها الجيش السوري، بنسبة تتجاوز ال90%، ورغم قيامها باحتلال مناطق جديدة في سوريا واقترابها من دمشق، وأخيرا توغلها في درعا، الا انه لم يتم إطلاق رصاصة واحدة ضد القوات الإسرائيلية من قبل فصائل المعارضة التي سيطرت على الحكم في سوريا.
وكان المرصد السوري الذي يتخذ من لندن مقرا له قد أكد أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استولت على مواقع استراتيجية وطلبت من السكان المحليين تسليم أسلحتهم، في خطوة تمثل اختراقًا جديدًا في المنطقة. كما تمركزت القوات في الكتيبة 74 بمحيط قرية صيدا، الواقعة على الحدود الإدارية بين محافظتي القنيطرة ودرعا.
تحركات تُنذر بتوترات جديدة
يأتي هذا التوغل الإسرائيلي في ظل تصاعد التوتر على الحدود مع الجولان المحتل، ما يعكس تغيّرًا في قواعد الاشتباك بالمنطقة. ويرى محللون أن التحرك الإسرائيلي يهدف إلى استغلال الوضع المترهل في سوريا بعد انهيار النظام، لتوسيع نفوذها وتعزيز وجودها العسكري جنوب البلاد.
خريطة جديدة للنفوذ؟
التطورات الأخيرة، سواء انهيار الجيش السوري بسبب العقوبات الأمريكية أو التوغل الإسرائيلي في الجنوب، تُلقي بظلالها على مستقبل سوريا كدولة موحدة. وبينما تتجه روسيا للبحث عن مخرج سياسي يضمن نفوذها في المنطقة، تبدو إسرائيل وكأنها تسعى لرسم خريطة جديدة للنفوذ على الأرض، مستفيدة من ضعف النظام السوري وتشتت المعارضة.
ختامًا: سوريا بين المطرقة والسندان
بين تأثير العقوبات الغربية، التي أضعفت الجيش السوري وساهمت في انهيار النظام، والتحركات الإسرائيلية الطموحة في الجنوب، تجد سوريا نفسها في قلب معادلة صعبة، حيث باتت السيادة الوطنية على المحك.
هل ستشهد الأيام المقبلة تحولات جديدة تزيد من تعقيد المشهد، أم أن هناك فرصة لإعادة ترتيب الأوراق وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الدولة السورية؟