رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

بعد إعلان مدبولي طرح أجزاء من بنكي القاهرة و الإسكندرية  للبيع.. هل هي خطوة للأمام  أم تنفيذ لإملاءات خارجية؟

المصير

الأربعاء, 11 ديسمبر, 2024

07:56 م

أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم خلال مؤتمر صحفي عقد عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة، عن طرح حصص من بنكي القاهرة والإسكندرية للاكتتاب العام ضمن برنامج الطروحات الحكومية.

يأتي هذا القرار في إطار خطط الدولة لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد وتقليص دور الحكومة في إدارة الأصول. وأوضح مدبولي أن هذه الخطوة جزء من استراتيجية أوسع تتضمن طرح شركات حكومية أخرى في قطاعات متنوعة مثل الطاقة المتجددة والصناعات الدوائية، بالإضافة إلى شركات مملوكة للقوات المسلحة مثل "صافي" و"وطنية".

مدبولي أكد أن برنامج الطروحات يتماشى مع وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تهدف إلى تعزيز الشراكة مع المستثمرين الاستراتيجيين وزيادة الكفاءة الاقتصادية. ومع ذلك، يثير الإعلان تساؤلات عديدة حول أهداف القرار ومدى قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها البلاد، مثل أزمة الديون الخارجية وارتفاع معدلات التضخم.


تنفيذ لتوجيهات صندوق النقد الدولي

يبدو أن خطوة طرح حصص من البنوك الحكومية تأتي استجابةً لتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي طالب الحكومة المصرية بتنفيذ إصلاحات هيكلية ضمن برنامج التمويل المتفق عليه. تشمل هذه الإصلاحات:

رفع الدعم بالكامل عن المحروقات والكهرباء والخبز.

انسحاب الدولة من القطاعات الاقتصادية لصالح القطاع الخاص.

تعزيز الشفافية في إدارة الأصول الحكومية وزيادة مشاركة المستثمرين الأجانب.


ويأتي الإعلان في وقت تواجه فيه مصر تحديات اقتصادية غير مسبوقة، حيث بلغ الدين الخارجي أكثر من 165 مليار دولار، ما دفع الحكومة إلى البحث عن حلول لزيادة الإيرادات وتقليص الفجوة التمويلية.

من الواضح أن هذا القرار جزء من سياسة اقتصادية طويلة الأجل تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية عن الدولة، لكنه يثير مخاوف بشأن تأثيره على الأمن الاقتصادي والسيادة الوطنية، خاصة إذا سيطر مستثمرون أجانب على الأصول المصرفية الحيوية.

التداعيات سلبا وإيجابا 

الإيجابيات المحتملة :

زيادة تدفق الاستثمارات: طرح الحصص قد يجذب مستثمرين أجانب ومحليين، مما يعزز من تدفق العملة الصعبة ويساهم في دعم الاحتياطي النقدي.

تقليص عجز الموازنة: عوائد بيع الحصص يمكن أن تُستخدم لتغطية جزء من العجز المالي، مما يخفف الضغوط على الموازنة العامة.

تحفيز القطاع الخاص: انسحاب الدولة من إدارة البنوك قد يفتح المجال أمام القطاع الخاص لتحسين الكفاءة وزيادة التنافسية في السوق المصرفي.


السلبيات المؤكدة 

فقدان السيطرة على الأصول الاستراتيجية: بيع حصص من البنوك الحكومية قد يعرض الاقتصاد لمخاطر إذا استحوذ مستثمرون أجانب على حصص كبيرة.

محدودية التأثير على الديون: بالرغم من العوائد المتوقعة من الطرح، إلا أنها قد لا تكون كافية لتقليص الدين الخارجي بشكل ملحوظ، الذي تجاوز مستويات حرجة.

عدم معالجة الأزمة بشكل جذري: بيع الأصول هو حل قصير الأجل ولا يعالج الأسباب الجذرية للأزمة الاقتصادية، مثل ضعف الإنتاجية وارتفاع فاتورة الاستيراد.


من المشترون المحتملون؟

تشير التوقعات إلى أن الجهات التي قد تسعى لشراء الحصص المطروحة تشمل:

صناديق استثمار خليجية: مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وصندوق أبوظبي للاستثمار، اللذان أبديا اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في السوق المصري خلال السنوات الأخيرة.

مؤسسات مالية عالمية: شركات استثمار كبرى تسعى للاستفادة من الفرص في الأسواق الناشئة مثل السوق المصري.

مستثمرون محليون كبار: رجال أعمال مصريون قد يشاركون في الطرح لتعزيز نفوذهم في القطاع المصرفي.


ومع ذلك، يبقى التحدي في تحديد نسب الطرح بدقة وضمان عدم هيمنة أي جهة على القرارات الاستراتيجية للبنوك.

الحصيلة المتوقعة من البيع

وفقًا للتقديرات الأولية، يمكن أن تبلغ حصيلة بيع الحصص المطروحة عدة مليارات من الجنيهات، لكنها تظل غير كافية لتغطية فجوة الديون الخارجية الكبيرة. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد الحصيلة النهائية على تقييم قيمة البنوك في السوق، والتي قد تتأثر بظروف السوق الراهنة وضعف الجنيه المصري أمام الدولار.

هل يمكن أن يحل الطرح الأزمة الاقتصادية؟

رغم أن طرح حصص البنوك قد يساهم في زيادة الإيرادات بشكل مؤقت، إلا أنه لا يمكن اعتباره حلاً شاملاً للأزمة الاقتصادية. ارتفاع سعر الدولار، الذي بلغ مستويات غير مسبوقة، أدى إلى تضاعف أسعار السلع الأساسية، مما أثر بشدة على المواطنين.

من جهة أخرى، بيع الأصول قد يخفف الضغط المالي، لكنه لن يعالج أزمات مثل:

تراجع الإنتاجية الوطنية.

الاعتماد الكبير على الاستيراد.

ارتفاع معدلات التضخم بشكل متسارع.


 مجبر أخاك لا بطل 

قرار طرح حصص من بنكي القاهرة والإسكندرية يعكس محاولات الحكومة المصرية لتحقيق توازن بين متطلبات صندوق النقد الدولي واحتياجات الاقتصاد المحلي. ومع ذلك، يبقى التساؤل حول مدى قدرة هذه الخطوة على معالجة التحديات الاقتصادية الكبرى، خاصةً في ظل استمرار ارتفاع الدين الخارجي وتدهور قيمة العملة، وهل الخطوة بقرار منفرد من أجل الإصلاح الاقتصادي أم أن حكومة مدبولي مجبرة عليها بضغوط صندوق النقد الدولي 

إذا لم تُرافق هذه الخطوة إصلاحات اقتصادية شاملة، قد يتحول بيع الأصول إلى إجراء مؤقت دون تأثير طويل الأجل، مما يعمّق الأزمات بدلًا من حلها.