رئيس مجلس الادارة: نجلاء كمال
رئيس التحرير: محمد أبوزيد
advertisment

"صخرة ديان".. رمز الغطرسة الإسرائيلية التي تخرج لسانها للمصريين في سيناء رغم جرائم غزة واحتلال فيلادلفيا

المصير

الخميس, 5 ديسمبر, 2024

03:17 م

بينما تواصل إسرائيل أقذر حرب إبادة جماعية وتطهير  عرقي في التاريخ الحديث داخل  قطاع غزة، مرتكبةً أفظع المجازر التي أودت بحياة أكثر من 50 ألف شهيد بمن هم ما زالوا تحت الأنقاض ، ومعظمهم من الأطفال والنساء، ومحت فيها الحجر والشجر، تظهر على أرض سيناء "صخرة ديان" كرمز صاخب للغطرسة الإسرائيلية. هذه الصخرة التي ترتفع في منطقة الشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء، لا تزال تثير استفزاز واندهاش وقرف  المصريين، وتطرح تساؤلات حول جدوى استمرار التزامات معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية "كامب ديفيد".في ظل قيام الكيان الصهيوني ب جرائم  لم تعرفها الإنسانية من قبل وفي ظل الخرق الواضح والتام من قبل قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي لاتفاقية السلام مع مصر وذلك بإعادة احتلال محور فلادليفيا داخل رفح الفلسطينية. 

 

لم تكتفِ إسرائيل بجرائمها في غزة، بل تعدتها إلى انتهاك معاهدة السلام الموقعة مع مصر عام 1979. 

يعد احتلال محور "فيلادلفيا" خرقًا واضحًا وصارخًا لاتفاقية "كامب ديفيد"، حيث استولت القوات الإسرائيلية على هذا المحور الاستراتيجي الذي يربط بين قطاع غزة وسيناء. ورغم التحركات الدبلوماسية لإدانة هذا الانتهاك، لم تُتخذ أي خطوات عملية لإرغام إسرائيل على الانسحاب أو احترام المعاهدات الدولية.

 صخرة ديان.. نصب تذكاري لجنود إسرائيلين على الأرض المصرية

في منطقة الشيخ زويد، تقف "صخرة ديان" كأحد أبرز النصب التذكارية الإسرائيلية التي تثير الجدل. يعود اسم الصخرة إلى موشيه ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، الذي أصر على إقامة هذا النصب أثناء فترة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء. تم نحت الصخرة بدقة على يد مهندسين إسرائيليين، وجُلبت خصيصًا من "جبل موسى" لإضفاء صبغة دينية وقدسية على المشروع.

يتكون النصب من ثلاث واجهات: الأولى تصور امرأة عربية تحمل طفلها وتهرول نحو البحر، في مشهد يعبر عن الرعب الذي تسببه الغارات الإسرائيلية. أما الواجهة الثانية، فتحمل خريطة لسيناء، بينما تحمل الواجهة الثالثة خريطة لفلسطين. كما نُقشت على الصخرة أسماء 14 طيارًا إسرائيليًا لقوا حتفهم في حادث تحطم طائرة بمنطقة الشيخ زويد.


 النشطاء في مواجهة "صخرة ديان"

تصاعدت خلال السنوات الأخيرة دعوات لهدم هذا النصب التذكاري المثير للجدل. في أبريل الماضي، أعلنت "حركة ثوار سيناء" نيتها طلاء الصخرة بألوان العلم المصري، في خطوة رمزية للاحتجاج على وجودها. وأوضح المنسق العام للحركة، محمد هندي، أن الحراسة المشددة التي يفرضها الجيش المصري على الموقع حالت دون تنفيذ مخططاتهم.

من ناحية أخرى، أطلق نشطاء سيناء صفحة على موقع "فيسبوك" بعنوان "معاً لهدم صخرة اليهود في سيناء"، بهدف حشد الدعم الشعبي والدولي لإزالة هذا الرمز الاستفزازي. 


رؤية الصهاينة للصخرة 

على الجانب الآخر، أثار الحديث عن "صخرة ديان" قلقًا كبيرًا داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي. عبّرت عائلات الطيارين الإسرائيليين الذين خلدت أسماؤهم على الصخرة عن مخاوفها من تهديدات مستمرة تطال النصب التذكاري. وقالت ليؤورا تامير شوركي، شقيقة أحد الطيارين القتلى، إن العائلات كانت تزور النصب بانتظام خلال السنوات الأولى من توقيع اتفاقية السلام. ولكن، مع تصاعد التوترات السياسية في مصر، توقفت الزيارات بشكل شبه كامل.

 


 دعوات لنقل النصب إلى إسرائيل

مع تصاعد التهديدات، ظهرت دعوات في إسرائيل لنقل النصب التذكاري إلى داخل أراضيها. في عام 2009، اقترحت "لياه نودل"، شقيقة أحد الجنود الإسرائيليين، نقل الصخرة إلى إسرائيل كحل وحيد لحماية هذا الرمز. ورغم التأييد الجزئي لهذه الفكرة، أثار تنفيذها مخاوف هندسية، حيث أوضح خبراء أن نقل الصخرة الضخمة التي يبلغ ارتفاعها 12 مترًا قد يؤدي إلى انهيارها.

 

موقف الشارع المصري

بالنسبة للمصريين، تمثل "صخرة ديان" استفزازًا واضحًا وجرحًا مفتوحًا في ذاكرة الصراع مع إسرائيل. يرى كثيرون أن استمرار وجود النصب يعكس ضعف الموقف المصري في مواجهة الالتزامات المفروضة بموجب "كامب ديفيد". كما يُعتبر النصب إهانة لرموز المقاومة المصرية، حيث تشير التقارير إلى أن الأرض التي أقيمت عليها الصخرة كانت مملوكة للمجاهد إسماعيل خطابي، أحد أبطال المقاومة الشعبية في العريش.. 


 صراع الإرادات بين الشعوب والاتفاقيات

رغم كل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، ورغم كل الانتهاكات الصريحة للمعاهدات الدولية، تبقى "صخرة ديان" رمزًا لصراع الإرادات بين الشعوب والأنظمة. هي ليست مجرد قطعة صخرية، بل تمثل تحديًا دائمًا لسيادة مصر واستقلالها. في وقت تتزايد فيه الأصوات المطالبة بإزالة هذا النصب، تظل القضية مرهونة بتغيرات سياسية قد تعيد صياغة العلاقات بين القاهرة وتل أبيب.

حتى ذلك الحين، ستبقى "صخرة ديان" تخرج لسانها للمصريين، شاهدة على تاريخ من الصراع الذي لم تُطوَ صفحاته بعد.